أخر الأخبار

الهدنة الخادعة.. هل تتهيأ سوريا لجولة جديدة من جحيمها؟

نبيل الملحم

هو صمت مشبوه، لا نزاعات معلنة، ولا سلام يُبنى عليه،  والخوف كل الخوف، أن تكون الهدنة التي أُبرمت ( أو بالأحرى، فُرضت ) في السويداء، ليست إلا وقتًا مستقطعًا بين جولتين من جحيم لم يُطفأ بعد.

السؤال الذي يخشاه الجميع:

ـ ماذا لو عادت الحرب الأهلية إلى سوريا؟ وماذا لو لم تتوقف عند حدودها؟

عودة النار ليست مجرد سيناريو متشائم، بل احتمال يتردد في الأروقة السياسية، وبين الناس أيضًا، لكنها، إن تكررت، فلن تكون كسابقتها.. لا شعارات كبرى، ولا “نظام ضد معارضة”. بل ستكون حربًا داخل البيوت، بين أبناء المدينة الواحدة، والطائفة الواحدة، وربما العائلة الواحدة.

سوريا لن تنقسم فقط على خارطة النفوذ، بل على مستوى الوجدان.. سيعيش الناس في جزر مغلقة، يتوارثون الخوف والريبة، والأسوأ:

ـ لن يكون هناك طاولة حوار تجمعهم، لأن كل طرف سيكون غارقًا في دم أهله.

لكن الطامة لن تقف عند الداخل السوري.

لبنان سيختنق بمزيد من الضغط الأمني والاقتصادي،  وفوق مجموع اللاءات (لا حكومة مستقرة، ولاحدود آمنة) ، ستضاف و”لا قدرة على استقبال موجات جديدة من اللاجئين”، وحزب الله لن يكون بمنأى عن الصراع، بل وقد يغوص فيه أكثر.

الأردن سيجد نفسه من جديد على خط النار.. التهريب، المخدرات، السلاح، خلايا نائمة، وميزانية لا تحتمل مزيدًا من الاستنزاف.

العراق سيتلقى شظايا الفوضى، في غربه ومناطق النفوذ الطائفي المتقاطع مع الجغرافيا السورية، وداعش، ، لا يفوّت فرصة في الفراغ.

تركيا، رغم درعها الحدودي، لن تكون بأمان، فوضى على حدودها ولاجئون على الأبواب، وشعب يتأجج غضبًا من كل ما هو “سوري”.

ثم هناك إيران، التي سترى في عودة الحرب فرصة لاستعادة نفوذها، أما إسرائيل، فلن تعارض رؤية جارها الشمالي يغرق أكثر، طالما أنه لا يشكّل خطرًا مباشرًا، وستصفّق لجحيمنا.

ـ إنها وصفة جاهزة لانفجار إقليمي، تبدأ شرارته من سوريا، ولا أحد يعلم أين تنتهي.

الأخطر من الرصاص، هو التقسيم الزاحف بلا إعلان، لا أحد سيقول رسميًا إن سوريا قُسّمت، لكن الوقائع ستقول ذلك: رايات متعددة، ومواطن لا يعرف إلى من ينتمي، أو تحت أية راية سيسقط سابحاً بدمه.

وبالنتيجة:

ـ ما كان تقسيمًا ناعمًا في الهدنة، سيصبح تفكيكًا صارخًا في الحرب.

السؤال الآن:

ـ هل من سبيل لتجنب كل هذا؟

ربما ثمة تشققات صغيرة في جدار الرعب الذي نعيشه، ومن تشققاته قد يولد عقد اجتماعي جديد، لا يقصي احداً، ويقود إلى مصالحة، اسمنتها الاعتراف المتبادل بالوجع، لاتدوير الآلام، وقد يحتاج السوريون إلى رعاية إقليمية، سقفها المامول، ما يشبه اتفاق الطائف اللبناني، وعلى خيباته قد يسمح برتق الثوب السوري، كي لايتحول السوري إلى العراء.

ـ ما يتبقى:

إما أن نمشي نحو سلام حقيقي، أو نتهيأ لانفجار جديد، لن يكون هذه المرة صراعًا بين طرفين، بل انهيارًا كاملًا لمفهوم الدولة، والعيش، والوطن، والبيوت.

وإذا ما انهارت سوريا، فلن ينجو أحد من الجوار، مهما كانت جدرانه عالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى