انقسام ليبي حاد حول مقترح وزارة التعليم إلغاء الشهادة الإعدادية

مرصد مينا
تشهد ليبيا حالة من الجدل والانقسام حول مقترح وزارة التربية والتعليم بحكومة “الوحدة الوطنية” المؤقتة، القاضي بإلغاء الشهادة الإعدادية وتحويلها إلى مرحلة نقل دراسي عادية.
المقترح، الذي طرحته الوزارة في غرب ليبيا عبر استطلاع للرأي على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، أثار تبايناً في المواقف بين مؤيد يرى فيه خطوة إصلاحية، ومعارض يحذر من انعكاساته على جودة التعليم.
وشارك في الاستطلاع أكثر من 319 ألف مواطن ليبي، صوّت 72% منهم لصالح الإلغاء، مقابل 28% رفضوا الفكرة.
رئيس لجنة التعليم في مجلس النواب، عز الدين أبوراوي، أوضح أن اللجنة ستحدد موقفها بعد الاطلاع على دراسة يعدها فريق مختص بالمقترح، في حين اعتبر مؤيدو الإلغاء أن الشهادة الإعدادية تشكل ضغطاً نفسياً على الطلاب وأسرهم، وأن التركيز يجب أن يكون على الشهادة الثانوية.
من بين هؤلاء، الخبير التربوي عبد القادر الشريف السملالي، الذي انتقد المناهج الحالية بوصفها “معقدة ولا تناسب عمر الطالب”، مشيراً إلى مشاكل كارتفاع معدلات التسرب وغياب العدالة التعليمية بين المناطق.
في المقابل، يرى معارضو الإلغاء أن القرار قد يؤدي إلى انتقال طلاب ضعيفي المستوى إلى المرحلة الثانوية دون امتلاك الأساس العلمي الكافي، ويحرم آخرين من الحصول على شهادة في حال مغادرتهم الدراسة.
المدرس سليمان صويب انتقد الفكرة باعتبارها استنساخاً لتجربة سنغافورة، مؤكداً أن البيئة التعليمية في ليبيا غير مهيأة لذلك، في ظل ضعف البنية التحتية، وتراجع كفاءة المعلمين، وانتشار الغش، وغياب التدريب والتأهيل.
وزارة التربية والتعليم حاولت تهدئة المخاوف مؤكدة أن المقترح ما يزال في طور النقاش الأولي ولم يُتخذ بشأنه أي قرار، وأنه يأتي ضمن رؤية إصلاحية تهدف إلى مراجعة وتطوير نظم التقييم التربوي.
وأعلنت الوزارة عزمها تنظيم ندوات وورش عمل يشارك فيها خبراء تربويون، مع تشكيل لجنة متخصصة لدراسة أبعاد المقترح ورفع توصياتها للجهات المعنية.
لكن أصواتاً أخرى انتقدت طرح القضية للاستفتاء الشعبي، مثل أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة مختار الجديد، الذي اعتبر أن مثل هذه القرارات يجب أن تترك لأهل الاختصاص.
أما الرئيس السابق لمركز المناهج التعليمية، سيف النصر عبد السلام، فأشار إلى أن الفكرة ليست جديدة، وأن الوزارة كانت تخطط لتطبيقها تدريجياً بهدف تخفيف الأعباء المالية عن الدولة والأسر، خاصة في حال وجود أبناء في الشهادتين الإعدادية والثانوية.
يأتي الجدل الحالي في ظل ما وصفه خبراء بـ”التخبط الحكومي” في إدارة ملف التعليم، حيث سبق لحكومة الدبيبة أن ألغت في ديسمبر 2024 توحيد امتحانات الشهادة الإعدادية على مستوى البلاد، لتكون موحدة على نطاق البلديات فقط، ثم عادت وأصدرت قراراً بإعادة توحيدها على مستوى ليبيا بأكملها.
الخبير التربوي عبد الخالق عامر رأى أن قطاع التعليم العام بات “حقل تجارب لمسؤولين لا ينتمون إلى الميدان التربوي”، في إشارة إلى الوزير الحالي علي العابد، الذي خلف موسى المقريف في المنصب.