fbpx

العراق بلد حيتان

اُشتُهرَ العراق طوال تاريخه باسمه العريق بلاد الرافدين، ولم تُشر أي معلومةٍ تاريخية إلى وجود حيتانٍ في نهريه العابرين أرضه (الفرات ودجلة)، أو في مياه شط العرب التي تصب في الخليج العربي. ولكن يبدو أن العين البصيرة لم تكتشف أو تلحظ وجود حيتان بشرية جميلة، ترتدي ثياباً أنيقةً، وأدمغةً فتّاكةً، فحين سقط نظام صدّام البعثي عام 2003، اختارت الولايات المتحدة بصفتها دولة احتلال للعراق رجلاً يدعى عادل عبد المهدي لمنصب وزير نفط، على الرغم من قلّة وسامة الرجل الخَلقية، وعراقة نسبه العائلي، كان رجلاً يستطيع تبديل مبادئه الفكرية ومواقفه السياسية بسرعةٍ تقترب من سرعة الضوء في الخلاء. فمرةً تجده بعثياً قومياً عربياً، لتكتشف بعد حين أن الرجل يتابع دراساته الجامعية في باريس وقد تخلى عن فكره القومي لمصلحة الفكر الماركسي الصيني الماوية. نسبةً إلى مؤسس الصين الحديثة الزعيم ماو تسي تونغ. لكنّ سقوط شاه إيران في طهران عام 1979 ومجيء حكومة الخميني الدينية الطائفية ساعد على سقوط فكر السيد عادل عبد المهدي الذي تحوّل بقدرة قادرٍ من الماركسية الصينية إلى الدينية الشيعية الإيرانية. وبذلك يكون الرجل ترفع عن ظلم نفسه أبداً بعودته إلى أصوله الأيديولوجية من خلال انتسابه إلى (المجلس الإسلامي الأعلى) الذي أسسه الشيخ محمد باقر الحكيم. ولكن هل قيادة بلدٍ تحتاج إلى هذه الحنكة كلها وسرعة تغيير المواقف والمبادئ؟ ربما، ولكن المكلّف الآن بتشكيل الحكومة العراقية حالياً هو السيد عادل عبد المهدي نفسه الذي قال ذات يوم عن تغييره لمبادئه الفكرية والسياسية: إن الأمر استغرق 50 عاماً وهي مدّة طبيعية لتغيير المرء. ولكن لماذا اختارت الولايات المتحدة عادل عبد المهدي لأخطر وزارة في العراق (النفط)؟. على الرغم من أنه لا علاقة له بعالم النفط؟ ولماذا لعب عبد المهدي دوراً في تسليم نفط كركوك إلى حكومة إقليم كردستان العراق؟ الأشهر لدى عبد المهدي هو نقده لحق الدولة العراقية باستعادة حقوقها المنهوبة من قبل شركات النفط قبل ثورة تموز/ يوليو 1958 التي أطاحت الملكية الهاشمية. فهو يقول: إن التغيرات التي حصلت في بنية الدولة العراقية منذ أواخر الخمسينات وبداية الستينات خرّبت كثيراً من البناءات التي حصلت سابقاً. ودعا عبد المهدي إلى إيجاد آلية لمنح الاستثمارات العالمية إلى المصافي المحلية. عبد المهدي الذي يبكي ويشكي من استعادة العراق لثرواته الوطنية هو ذاته من ساهم في صوغ قانون شركة النفط الوطنية العراقية هذا القانون هو أخطبوط ببساطة، أو جيش من الحيتان، لأنه يتدخل في شؤون الحكومة العراقية كلها، فتخيلوا أن مجلس الوزراء يتوسل وزارة النفط للحصول على نسبة من الثروة النفطية لميزانيته. وكأن وزارة النفط هي السلطة العليا. لقد نمت وزارة النفط وصار لها لوبي يضغط على المرجعيات كلها؛ الدينية والسياسية والإعلامية من أجل تنفيذ رؤية من يوزع ثروات النفط، وبهذا يكون المواطن العراقي قد حصل على حصته من النفط المقدّرة بـ 39 دولاراً في العام الواحد. هذه الحال تبشر بزيادة عدد الحيتان في بلاد اسمها العراق. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى