بنادق عين الحلوة.. من يستأجرها؟
مرصد مينا
تجربة طويلة ودامية كان اسمها “فتح لاند”، التجربة التي ساقت لبنان إلى حرب الأزقة، وقادت إسرائيل إلى اجتياح بيروت، يومها كانت بيروت عاصمة الحواجز الفلسطينية وكان الطريق إلى القدس يمر عبر صيدا وصور وسواهما وبالنتيجة.
حمل “أبو عمار” قوّاته إلى حمّام الشط بتونس، مغادراً “خيمته الأخيرة” وانتهت منظمة التحرير إلى تشققات أنتجت فيما أنتجت “حماس” و “الجهاد الإسلامي”، وذاكرة لبنانية قاتمة إزاء القضية الفلسطينية برمتها.
واليوم، “منير مقدح” في عين الحلوة، ولا نعلم على وجه الدقة ممن يأخذ تعليماته وقد بات “سيادة الجنرال”، كذلك لانعلم ممن تأخذ الفصائل الفلسطينية المتأسلمة تعليماتها، من “أبو الوليد خالد مشعل” أم من “إسماعيل هنيه” أم من الولي الفقيه، غير أن المعلوم من المجهول أن المخيمات الفلسطينية في لبنان لابد وتكون ترسانات أسلحة.. ترسانات هي بالتأكيد ليست بمواجهة إسرائيل، غير أنها السلاح الفلسطيني بمواجهة السلاح الفلسطيني، واحتياطاً بمواجهة اللبنانيين إذا ما اقتضت الضرورة، فانحاز فلسطيني إلى لبناني لينحاز فلسطيني إلى الجبهة المضادة، وبالنتيجة ليكون لبنان ساحة الحرب والاقتتال، وفلسطين لابد بعيدة، فيما الإسرائيليون يلاعبون أبو مازن محمود عباس، وأبو مازن لاحول ولاقوّة سوى تلك الاغفاءات العميقة في مجمل المؤتمرات التي تتطلب الصحو الفلسطيني.
اللبنانيون يتساءلون، ولهم الحق كل الحق:
ـ ما مشروعية السلاح الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية بلبنان، وكان سامي الجميل قد واكب السفيرة الأمريكانية في لبنان بهذا التساؤل، وكذا فعل قياديون لبنانيون آخرون.
كل التجارب السابقة للعمل العسكري الفلسطيني، بدءاً من أيلول عمّان، وقد سمي بأيلول الأسود، وصولاً للسلاح الفلسطيني في سوريا، وكان على الدوام تحت جناح وفي ظل الاستخبارات السورية، وصولاً للسلاح الفلسطيني في لبنان، كل هذه التجارب لم تقل سوى كلمة واحدة:
ـ السلاح الفلسطيني لاغتيال الفلسطيني.. الفلسطيني وحده.
والتجارب لاتحصى، والاغتيالات لاتُعدّ، وهاهي حرب الفلسطيني / الفلسطيني في عين الحلوة تعيد رسم الحكاية وقد بلغت ضحاياها عبر يومي اقتتال احدى عشر قتيلاً، وكان من الوارد والممكن أن تتعدى أرقام القتلى العشرات، فالسلاح المنفلت، قاتل منفلت، ولا ضوابط يمكن أن تمسك به.
الجيش اللبناني منشغل بمسائل لبنان، والقيادات الفلسطينية لم تعد قادرة على القيادة، والعرب اليوم باتوا منشغلين بكل ما ليس له صلة بفلسطين، وبالنتيجة:
ـ فليأكل الفلسطيني الفلسطيني.
وثانية :
ـ ماجدوى سلاح المخيمات؟
وثانية:
كيف لدولة أن تكون دولة إن لم تسيطر على السلاح؟
وبالنتيجة الأكثر دقة وتمييزاً:
ـ كيف للبنان أن يكون دولة ّاذا كان سلاح حزب الله خارج سيطرة الدولة وإدارتها، ومن ثم يأتي السلاح الفلسطيني ليضاعِف من إخصاء الدولة، فتتحول معهما الدولة إلى معبر للسلاح، فتزيد من أحمالها، وهي الدولة الغارقة في الديون وفي الفاقة، وفيما يعنيه كل ما يعنيه:
ـ تحت خط الفقر.
ذات يوم كانت بندقية أبو نضال صبري البنا تُنعت بـ “بندقية للإيجار”.
اليوم بماذا يمكن وصف بندفية المخيمات؟
هي للإيجار أيضاً ولكن من هذا الذي يستأجرها؟
الأيام لابد ستكشف ولكن.. لكن بعد ارتكاب المزيد من الفظاعات.