حسابات الغرب عن حسابات الصين
الغرب بات اكثر قلقاً، يحدث هذا فيما الصينيون يقرعون البوابة تلو البوابة، والأهم بوابة موسكو، ومن تجليات هذا القلق مانشرته “التايمز”، والأهم من المهم أن مانشرته جاء بتوقيع وزير خارجية بريطانيا السابق وليم هيغ، وبالعنوان الصريح ” الغرب يمكنه منع سقوط العالم بين يدي شي وبوتين”.
يتساءل هيغ في بداية مقاله عن سبب زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ العاصمة الروسية موسكو. ويقول إنه هناك لأنك لو كنت في موقف الصين، تسعى لتحقيق استراتيجيتك للقرن الحادي والعشرين، فسيكون وجود روسيا إلى جانبك أمرا ضروريا.
ويواصل إن الأفضل ألا تكون روسيا فقط إلى جانبك بل مرتبطة بك، ومضطرة إلى الاستمرار معك، دون أي خيار آخر سوى بناء خطوط الغاز المستقبلية باتجاه الصين، ومشاركتها التقنيات العسكرية والفضائية، وبالتالي التأكد من أنه في الصراع المتصاعد مع الولايات المتحدة، فإن الصين لن تتعرض للحصار، وسيكون الوضع المثالي لشي أن يجعل بوتين حليفا، وكذلك معتمدا على الصين، وهذا بالضبط هو ما حدث.
ويقول هيغ “في الغرب نحن أيضا نسعى وراء مصالحنا بدعم أوكرانيا، لأنه لو حققت روسيا هدفها، ودمرت الدولة الأوروبية، لكنا نحن وحلفاؤنا مضطرين لإنفاق أموال باهظة لحماية أمننا لعقود طويلة. لكننا نعتقد أيضا أننا نخدم مصالح الإنسانية. وبالنسبة لنا فإن هزيمة العدوان والتصدي لانتهاك حقوق الإنسان، من المباديء الأساسية”.
ويواصل هيغ أنه، وكما ورد في استطلاع رأي الخريف الماضي، فإن 87 بالمئة، من بين 1.2 مليار إنسان يعيشون في أنظمة ديمقراطية، ليبرالية، لديهم نظرة سلبية لموسكو، بينما ينظر 75 بالمئة منهم سلبيا إلى الصين، وهو الأمر الذي لم يكن بنفس النسبة قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
ويضيف هيغ أن الأمر معكوس في مجتمعات أخرى، رغم مرور شهور على الغزو الوحشي لأوكرانيا. إذ ينظر قطاع كبير من المواطنين بشكل إيجابي لروسيا، ففي جنوب شرق أسيا تصل نسبة هؤلاء إلى 75 في المئة، أما في الدول الأفريقية التي تتحدث الفرنسية، فتصل النسبة 68 في المئة.
ويختم هيغ بالقول إنه “قبل عشرين عاما، اعتدنا في الغرب أن نظن أن الجميع سيصبحون مثلنا، بدءا من بغداد وحتى بكين، أما الآن فيمكن أن نرى أن الكثيرين لن يقبلوا ذلك، وبالتالي سيكون مطلوبا مراعاة استهلاك الطاقة، وانتهاج سياسات جديدة، ونظرة مختلفة للعالم، ،للتماهي مع هذه المتغيرات”.
دعوة صريحة ربما عنوانها دعوة الغرب إلى “نظرة أخرى للعالم”، و “التقاط المتغيرات فيه”، والاهم مراجعة التجربة وخصوصاً التجربة الأمريكية وهي المراجعة التي لابد وتتضمن مراجعة التجربة العراقية يوم انهار نظام شمولي دكتاتوري لحساب ميليشيات دكتاتورية، ومع العراق التجربة الأفغانية وهي التجربة التي لاتشير إلى أية حكمة أمريكية، واليوم، معارك اوكرانيا لابد وتتطلب مراجعة أوسع وأشمل وقد باتت الصين على حدود الغرب.. الصين التي “لايمكن محاصرتها”.
العالم يتغير، نحو أي اتجاه يمضي؟
لابد للغرب أن يجيب عن السؤال وإن بشجاعة أكبر.