لمن ينسى

صندوق المرصد
ـ ما الذي على السوريين أن يتذكروه من “زمن الأسدين”؟
ـ دولة الخوف، حيث للجدران آذان، وللبشر توارث الخوف حتى صار الخوف جزءاً من اللغة.
ـ مجزرة حماه، وكان أن سحقت مدينة كما لو أن لاهدف لصاحب وراعي المجزرة سوى هدف واحد عنوانه “يجب على هذه المدينة أن تُنسى”.
ـ صورة الأسد على الكتاب المدرسي والمكتب والجدران، في تمجيد كل ماعليه أن يوطّد إلغاء العقل والذاكرة.
ـ فساد الدولة كأداة حكم وترويض، ليرثها الابن لا كإرث ثقيل بل كميراث يعتنقه ويطوره.
ـ تحويل الدولة إلى ملكية عائلة توزع بالوراثة، وقد تحوّلت البلاد إلى زريبة ومزرعة.
ـ استبدال القاضي بمخبر، وتحويل القانون إلى “تقرير أمني”.
ـ السجن والسجن والسجن، وماتزال ترويه أجساد الناجين حيث التعذيب، الإخفاء، كسر الكرامة، ليغدو السجن دستور البلاد غير المكتوب، غير أنه القاعدة.
ـ اغتيال الأحزاب، وتحويلها إما إلى تحت إبط (القائد) أو تحت سيفه.
ـ الاتجار بالقضية الفلسطينية والمقاومة، دون أن يطلق طلقة واحدة باتجاه الجولان، لتتحول (القضية) إلى مظلة لشرعنة الغاء البلد، وكتم صوتها.
ـ تحطيم صورة الفرد أمام نفسه، وقد اختنق صوته وتدمرت صورته.
لا يحتاج السوريون إلى من يُذَكِّرهم بما عاشوه في زمن الأسد الأب، ولا بما ورثوه تحت سلطة الابن. فالذاكرة ليست سردًا لتاريخ مضى، بل جرحًا لا يزال ينزف.
لقد حكم حافظ الأسد سوريا كما يُدار السجن: ببوابة واحدة، وسجّان واحد، وبلا ساعة للخروج. ثم سلّم ابنه بشار المفتاح نفسه، لا ليواصل الحراسة، بل ليُعيد تشكيل السجن من الداخل، بلونٍ حديث وأدوات مراقبة متطوّرة، دون أن يتغيّر شيء في جوهر السلطة.
لكن الأثر الأعمق من كل هذا ليس القتل، ولا السجون بل فقدان السوري لإيمانه بنفسه، حيث باتت الكرامة “خطراً” لا ينبغي استعادتها.
ما عاشه السوريون تحت حكم الأسدين لا يمكن اختصاره في لافتة، ولا محو أثره بخطاب مصالحة، هذه ذاكرة لا بد أن تُدوَّن، وتُقرأ، وتُعلَّم للأجيال، لا بد من تحويلها من صدمة خام إلى وعي سياسي، من ألم إلى بوصلة.
سوريا لا تستحق أن تُحكم بالخوف، ولا أن تُدار بالإرث. سوريا التي يحلم بها أبناؤها، ليست تكرارًا للماضي، بل نفيًا له، وبحثًا دائمًا عن وطن يولد من الحرية والكرامة، لا من الصور والشعارات، وتأليه لصوص لم يتساءلوا لحظة عن :
ـ ما الذي تريده الآلهة.