fbpx

وقد اعتبرها “الأمريكان” مزحة.. هذه ليست مزحة أيها السادة

يحكي لنا سايمون هندرسون، وهو من أبرز باحثي معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه وفي صبيحة 10 آذار/مارس، في حوالي الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت العاصمة الأمريكية واشنطن، صادف أن عقد اجتماعيْن مع شخصيْن غالباً ما يتحدث معهما عن إيران. ولم يكن أيٌ منهما وفق مايقول هندرسون قد سمع الأخبار قبل أن ينقلها لهما؛ وفي البداية اعتقد كلاهما أنه يمزح معهما، وفيما بعد “بدا واضحاً لي أنهما يحاولان استيعاب المعلومات ومعرفة ما قد تعنيه”.

استعادة العلاقات الإيرانية / السعودية بالنسبة لمن يحاورهما هندرسون كانت “المزحة” ومن ثم “الاستهجان” .

مابعد التأكد من الخبر كان التحليل السائد بين الباحثين الأمريكان  هو أن الرياض قررت العمل مع طهران بسبب الجفاء مع إدارة بايدن وقلة الدعم الذي تتلقاه السعودية منه ومن الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي. ويبدو أن ما تذمرت منه السعودية مؤخراً هو رد واشنطن الضعيف على الأنباء التي أفادت بأن إيران تخصّب اليورانيوم إلى مستوى أدنى بقليل من 84  في المائة، وهو مستوى قريب جداً من درجة صنع قنبلة نووية. فما الذي حدث إذاً لوعود البيت الأبيض بعدم السماح لإيران بصنع قنبلة نووية؟

حتى قبل أيام، كان الرد السعودي المتوقع هو أن المملكة ستحذو حذو إيران بسرعة إذا أظهرت طهران أنها تمتلك قنبلة نووية أو أنها تستطيع صنعها، وهذا هو التعليق الذي غالباً ما يُقتبَس عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، والذي أدلى به سابقاً لإذاعة “سي بي إس نيوز” (CBS News). أما الآن، فيبدو أن وجهة النظر السعودية قد انقلبت، إذ أبدت المملكة استعداداً للانسحاب من المواجهة مع إيران، وربما التوجه حتى نحو “مشاركة” الخليج معها، ما شكل في السابق مجرد فكرة عديمة الجدوى كانت مدعاة للسخرية حين وردت في مقابلة أجرتها مجلة “ذي أتلانتيك” (The Atlantic) في عام 2016 مع الرئيس آنذاك، باراك أوباما.

التفسيرات الأكثر تحفظاً لمعنى التطبيع، الذي تم تحديده في الشهرين المقبلين، أنه يندرج ضمن اتفاق سلام مصمم بعناية في اليمن، حيث يحتل الحوثيون الذين تدعمهم إيران، العاصمة صنعاء، على الرغم من جهود السعودية الحازمة، والمكلفة (سواء من الناحية المالية أو من حيث التكاليف الإنسانية)، لطردهم.

ويطال الارتياب الذي رافق صدور الخبر دور الصين. فحتى الآن، بصرف النظر عن موقف بكين الانتفاعي من الحرب الإيرانية العراقية بين عامَي 1980 و 1988 عندما زودت كلا الجانبين بالذخيرة، شددت بكين على دورها التجاري وليس الدبلوماسي في المنطقة. وآخر تطور ظهر خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم هو أن الصين تريد تنظيم اجتماع قمة لجميع دول الخليج. وليس مستغرباً انضمام معظم دول المنطقة، إن لم يكن جميعها، إلى السرب لأسباب تجارية، ولكن ما الذي سيكون رد الفعل إذا قالت بكين إن الثمن مقابل دورها الجديد سيكون نفطاً منخفض التكلفة؟

ـ هذا هو السؤال (الأمريكاني) اليوم، وقد انتقل الخبر من “المزاح” إلى ذروة الجد، ومعه كانت الإجابة:

هذه التطورات المذهلة، وربما المزيد منها في المستقبل، لابد ستشمل من الناحية التحليلية حالة “التطبيع” الأخرى التي كانت تستحوذ على اهتمام واشنطن، أي مسألة تطبيع السعودية لعلاقاتها مع إسرائيل ومتى سيحدث ذلك. وربما هذا الموضوع هو الآن خارج القائمة. ويعتمد ذلك كثيراً على إذا ما كانت الرياض تريد حقاً إقامة علاقة عملية، إن لم تكن جيدة، مع طهران. ولكن بالنسبة لإسرائيل، لا تزال قضية احتمال وجود سلاح نووي إيراني تلوح في الأفق.

تلك هي الإجابة (الأمريكانية) ونقطة، وبما أنها إجابة قاصرة، فما الذي سيختم به هندرسون؟

سيختم بتلك الإجابة المفتوحة التي لاتقول شيئاً:

ستتضح أمور كثيرة في الشهرين المقبلين، إذا تمكّن هذا العرض من الاستمرار حتى ذلك الحين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى