زنقة زنقة.. من أنتم يا جماعة تحرير فلسطين؟
نبيل الملحم
طيلة حكم صدام حسين كان وعده “قصف تل أبيب بالصواريخ”، غير أن صواريخ صدام تحوّلت إلى الكويت، ومن بعده كان نظاماً عالمياً جديداً ضاعت فيه العراق وتشظّت وتداعت من بعده معاهدات التطبيع مع إسرائيل، ومن بينها “أوسلو”.
وطيلة حكم حافظ الأسد، وكان وعده تحرير فلسطين و “من الماء إلى الماء”، ومع حكمه تمزقت منظمة التحرير الفلسطينية، وتحوّلت من “بندقية شعب” إلى بندقية للإيجار يتقاسمها “أبو نضال” مع زواريب فلسطينية أنتجت فيما أنتجت “حماس” و “الجهاد” فباتت غزة في مكان وباقي فلسطين في مكان آخر، وجرّت فيما جرّت إلى حرب الفلسطيني مع الفلسطيني في الداخل الفلسطيني وفي المخيمات.
ومنذ صعد معمر القذافي وهو يلوّح بعصا الماريشالية باتجاه فلسطين، فكان أن مزق ليبيا وأفقر ليبيا وحوّلها من بحيرة عائمة على النفط إلى خيمة لسيادته ولعبد السلام جلّود.
ومع كل خطبة تضمنت “فلسطين” كان الإسرائيليون يشتغلون على تعزيز قدراتهم بدءاً من التفاحة الإسرائيلية التي غزت أسواق العالم وصولاً الى “العقل الصناعي” القادر على التسلل إلى غرف نوم الزعامات العربية بمن فيها غرفة نوم أبو مازن محمود عباس لتلتقط أنفاسه وشخيره.
ومع فلسطين ومن أجل فلسطين كان:
ـ تعزيز الدكتاتوريات الهائجة، بموازاة كمّ أفواه الناس وتجويعهم، وتغوّل أجهزة الاستخبارات التي تلتقط بالتمام والكمال أنفاس الناس، معارضين وموالين، ومفتحين وعميان، فيما عجزت بكامل خبراتها وأجهزتها عن التعرف على المواقع الفعلية لبيوت القنابل النووية الإسرائيلية، وهي القنابل التي قد تتحول إلى قنابل يدوية إذا ما شاء الإسرائيليون.
واليوم، وقد ورث بشار الأسد عن أبيه، مازالت فلسطين هي الراية التي ترفرف فوق قصره، وعليه باع سوريا للإيرانيين “من أجل فلسطين”، فبات سوق “تفضلي ياست” ينطق بالفارسية، وبات قبر “رقية” مزاراً بالاستثمار الإيراني، وباتت الطلعات الجوية لإسرائيلية والقصف الصاروخي الإسرائيلي مأدبة يومية تتلقاها الشام، وبصمت مدهش انتظاراً لساعة الرد الذي لم يأت ولن يأتي، والراية “فلسطين”.
مُزق لبنان تحت اسم “فلسطين”.
واهترت سوريا تحت اسم “فلسطين”.
وغزا صدام الكويت وتحت اسم “فلسطين”.
صغرت فلسطين حتى باتت خرقة معلقة على خشبة، لاهي بالدولة ولا هي نصف دولة، ولا هي منظمة ولا هي أمّة، ولاهي وعد ولا هي قصة مطوية.
محاربون لم يختبروا الحروب يهتفون لفلسطين، ومحاربون اختبروا الحرب، اختبروها بتدمير بلدانهم وحضائرهم وبيوت ناسهم وتحت راية “الصمود” فكانت دمشق الخراب وحلب الخرابة، وسوريا المقسّمة فإن لم تقسّم ستلصق بالغراء.
هو حال لبنان كذلك، وهو حال كان العراق قد سبق لبنان إليه، أما ليبيا فلم يتبق من “نهرها العظيم” سوى صرخات القذافي “زنقة زنقة” و “من أنتم، من أنتم”.
والسؤال اليوم :
ـ من أنتم.. من أنتم يا جماعة تحرير فلسطين.