ضباع المعارضة.. ضباع السلطة
“الثورات”، وبكل المعاني ليست إسقاط سلطة فحسب، الثورات هي إسقاط ثقافة وطرائق عيش وتفكير، ومنظومات أخلاقية تطيح بالماضي حتى ولو جاءت منه.
أولوية “ثورة” كما ثورة السوريين هي الإطاحة بمفهوم “الأبدية” لحساب حركية الحياة، وجدل الحياة، وتداول السلطة ، اقله أن السلطة الأبدية المطلقة هي مفسدة مطلقة وهذا كلام لابن خلدون، يحلو للإنكليز نسبه إليهم، ومادام الامر كذلك، فما الذي أحدثه (الثوار) في الثورة السورية، ونضع مفردة (ثوار) بين قوسين ذلك أن مايحدث لاينبئ بسلوك ثوار ولا ثقافة ثوار، ولا إلى ماعلى الثورات أن تؤصله.
واحدة من أسباب اعدام الحياة السورية، كانت (أبدية) آل الأسد، تلك الأبدية التي أورثها الأب للابن، فباتت السلطة محتكرة فيه، وتعود إليه، أما الناس فهم قطيع للراعي وهكذا أكل الراعي قطيعه، وعندما تمرد القطيع على الراعي اسلم الراعي قطيعه للعبة الدولية فكان الروسي والإيرني وحزب الله، يستثمرون في أبدية القائد، لاجتياح البلاد واستعمار البلاد والفتك بما تبقى للناس من أسباب الحياة.
على الجهة المقابلة كانت قيادات المعارضة، ولو عدنا إلى هذه القيادات واحدًا واحدًا لما عثرنا من بينهم من قدّم نموذجًا لفعل نضالي، لاعلى مستوى النظرية الثورية والمنهج الثوري، ولا على مستوى الممارسة الميدانية، فيما الناس دفعوا أثمانًا لاحدود لها.. دفعوها في السجون وفي ساحات القتال.. في النضال المطلبي والنضال الثوري.. في النضال السلمي وفي النضال المسلح، وصولاً لتبديد أرزاقهم ومدخراتهم من اجل ثورة ظافرة تجهز على الأبدية إياها، بما يرافقها من فساد ومال أسود.
وهانحن امام البحر وقد كذب الغطّاس مرة وثانية وثالثة، حتى باتت قيادات المعارضة، تستلهم سلوكها من السلطة التي كان يجب أن تكون نقيضها، او على الطرف الآخر منها، في السلوك وفي الثقافة، وفي احترام تداول السلطة، حتى ولو كانت سلطة المعارضة.
السوريون يتساءلون اليوم، وهي تساؤلات سنأخذها من منشور على الفيس بوك، وبالحرف:
ـ يريد السوريون المعارضون إسقاط آل الأسد عن حكم سوريا التي يحكموها منذ نصف قرن، والذين يملكون المال والسلاح والعسكر والدول الداعمة.
وهم لا يستطيعون إسقاط نصر الحريري وأنس العبدة وعبد الحكيم بشار ونذير الحكيم وفاروق طيفور وعبد الأحد اسطيفو وهادي البحرة ومحمد يحيى مكتبي وبدر جاموس وسالم المسلط وياسر الفرحان، الأسماء المتكررة منذ 10 سنوات في قيادة الائتلاف والمعارضة الموالية لتركيا.
كأنه عجزت السوريات أن يلدن مثلهم!
هو سؤال مشروع، ينبئ بالواقع القاتم للحالة السورية، ويقول بالفم الملآن:
ـ خرجنا من الدلف إلى المزراب واستبدلنا ضباع بضباع.