أخر الأخبار

لا معارضة سورية ضد السلطة

غسان المفلح

هدف أي معارضة في التاريخ هو كسب الشارع لصالحها. مما يطرح سؤالا: كيف يمكن أن نكسب الشارع السوري في ظل هذه الوضعية الانتقالية المعقدة؟

لدينا سلطة تحوز على دعم أكثرية واضحة من الشارع السوري. داعمة وهي تشعر أنها تدعم وهي حرة. لم تدعم السلطة الجديدة لا خوفا ولا وتملقا. هذا لا يخلو طبعا من وجود متملقين لأي سلطة.

علينا أولاً قراءة هذا الجزء من اللوحة السورية. لماذا؟ وكيفية وصول المعارضة للشارع السوري وأكثريته في ظل حرية سياسية واضحة الآن؟ ما الذي تريده من السلطة من جهة ومن الدولة من جهة أخرى وماذا لدى المعارضة من خيار آخر لتحقيق هذه المطالب؟

– السلطة الحالية ليست هي نفسها التي في أذهاننا عن جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام. اعتبرها سلطة فاشلة أو أي تصنيف آخر، إلا تصنيفها كسلطة إرهابية وتحيل هذه التسمية إلى مدلولات لم يعد لها علاقة بالحقيقة ولا يرضى عنها الشارع السوري عموما.

هذه التسمية باتت من مستلزمات شيطنة هذه السلطة الآن، ليسقطها المجتمع الدولي. لكن الدول الفاعلة تعرف ماهية هذه السلطة جيدا. لهذا اختر دراسة الفوارق بين ما في ذهننا وبين الواقع. بما هو أيضا واقع سلطة تحتاج لشرعية. أيضا كنت قد كتبت عن هذا الأمر.

– لدينا في سورية ثلاث إشكاليات واضحة:

إشكالية الإسلام السياسي وتياراته المتعددة. وهي إشكالية سورية. وتنعكس ممارساتها على الوضع السوري، غالباً سلباً. كيف لنا مواجهة هذه الإشكالية؟ ما هو الخطاب الأفضل لنتوجه به للشارع السوري؟

إشكالية الطائفية أيضا حفرت لها الأسدية عميقاً في الشارع السوري، ونحن الآن نحصد ما تركته هذه الأسدية من حفر لردمها بطريقة صحية. فكيف يمكن ردمها؟

الإشكالية الثالثة هي الإشكالية القسدية وتداخلها مع القضية الكردية في سورية.

هذه الإشكاليات يجب أن تكون موضع نقاش واهتمام من قبل المعارضة الديمقراطية. نقاشها ضمن هذا السياق الذي وضعنا التاريخ أمامه كسوريين.

الخطير في الموضوع السوري، هو تداخل الإشكالية الأولى مع الإشكالية الطائفية. فلا السلطة تعاطت بطريقة صحيحة مع الاشكاليتين ولا مع تداخلهما.

كان الأسد يصف معارضيه أنهم إرهابيين. الآن انقلبت الآية، وباتت” المعارضة” تصف السلطة بأنها إرهابية.

هل السلطة إرهابية؟ كنت كتبت منذ أيام عن التاريخ الاشكالي للسلطة. وهو تاريخ موسوم بالإرهاب. من قبل السلطة الاسدية ومن قبل الدول. وعلى فصائلها عقوبات بسبب أنها إرهابية. السؤال: هل السلطة تصرفت بما يخدم إزالة هذا التاريخ الإشكالي؟ هنا لابد من الوقوف عند هذا الموضوع:

السلطة وكتلة ما يسمى بهيئة تحرير الشام حاولت وتحاول. لكن الفصائل التي حولها، ومجاميع ذات مصالح سياسية تصرفت وتتصرف بعكس ذلك حتى اللحظة. حتى صار لدينا: تحالف غير مباشر بين هذه المجاميع المنفلتة وبين ما يمكنني تسميته معارضة طائفية في السويداء ومناطق العلويين.

هذا التحالف زاد من مشاكل السلطة، لأنه تحالف يعتمد على الشحن الطائفي المتبادل. السلطة يمكن أن يكون فيها كل العيوب، لكن ليس من مصلحتها مطلقا الاستثمار في الموضوع الطائفي.

السبب مصلحتها. لا مصلحة لها في هذا الاستثمار. بالمقابل الغطاء الشعبي للسلطة، كان خلال الأشهر الماضية خطابه خطاب الخائف، من عودة ما للماضي الأسدي مهما كان شكله.

الاسلام السياسي الفصائلي وغير الفصائلي رموز وملفوظات يصدرها بوصفه سلطة. استخدام كلمة خنزير مثلا! لباس وطريقة تعامل لم يعرفها الشارع السوري خارج تواجد هذه الفصائل قبل سقوط الأسد. هذا اتضح جليا في جرائم حدثت بحق العلويين السوريين. لباس الأمن العام كان موحداً تقريباً. طبعا لا يخلو الأمر من أن بعض رجالات الامن العام كانوا يستخدموا هذه الملفوظات.

إضافة إلى انضمام سوريين شباب لصفوف هذه الفصائل وحتى صفوف الامن العام، كانوا حتى فترة سقوط الأسد، يعيشوا في مناطق التماس العلوي السني. هؤلاء كانوا الأخطر برأيي. هذا الجزء من اللوحة، اتضح أكثر بعد جرائم الفلول. من خلال ما عرف بالنفير العام. هذا النفير الذي كان السبب الأساسي فيه هو الخوف. ومصالح بعض الذقون المسلحة والسياسية، التي عاشت على الانفلات من جهة، والتي تعودت في مناطق تواجدها في الشمال السوري” أنها هي الدولة وهي صاحب القرار”.

ملاحظة هنا: في حواراتهم ونقاشاتهم على الإعلام وصفحات السوشيال ميديا، يتضح تفارقهم مع الكتلة الأساسية للسلطة. هذا زاد من تعقيدات الوضع للسلطة والبلد عموما. الفارق بين سلوك هؤلاء وطريقة تعاطيهم مع البلد وطوائفه واثنياته، وبين سلوك محافظ السويداء مثلاً، الذي يمثل السلطة. هم لا يوافقوا عليه، لكنهم لا يريدوا إعلان ذلك بشكل صريح! لكن تغدرهم زلات لسانهم وحمقهم أحياناً.

تركيا لاتزال هذه الفصائل ورقة بيدها. لا تهتم تركيا مثلاً بخطابهم أو سلوكهم. بل ما يهمها أنهم عسكر لها في اللوحة السورية. يبتزوا فيها السلطة والدول. ساعدهم في ذلك هو بروز معارضة طائفية واضحة. الدول الفاعلة تعرف هذا الملف جيدا أيضاً. لأنها هي من فرضت العقوبات على بعض هذه الفصائل.

هل السلطة لديها قرار بحرب أبادة ضد العلويين؟

أية معارضة هذه تريد إثبات أن حوادث الخطف هي سبي. بما تحمله هذه المفردة من دلالات؟ أية معارضة هذه هتكت حق الضحايا الفعليين لكثرة ما زورت ودلست! من حوادث.

أية معارضة هذه تريد عودة جيش الأسد وضباطه القتلة إلى جيش البلد من خلال القرار 2254! وآخرهم السيد ايمن الأصفري. ببساطة هذه معارضة لغم لحرب أهلية!

معظم نخب البلد من غير الطائفة العلوية، أدانت سلوك السلطة في الجرائم التي حدثت في مناطق العلويين.

نأتي للخاتمة كاقتراح:

السلطة فيها من العيوب والمثالب ما يتيح تأسيس معارضة ديمقراطية حقيقية بعيداً عن تطييف المشهد السياسي. الإعلان الدستوري مرفوض هذا وحده يؤسس لمعارضة تطرح بديلاً واقعياً وتخوض نشاطها المعارض بناء عليه:

مثلا طرح النموذج التركي بمواجهة مشروع السلطة مع لا مركزية إدارية. هذا من شأنه أن يخترق الشارع ويخترق كتلة السلطة نفسها. أما شعارات زائفة مثل شعار العلمانية، ولصق تهمة الطائفية بكل من يرفضه من الشارع السوري هذا هو التدليس الطائفي بعينه.

لم أناقش قضية قسد لأنها في تداخل دولي مفرط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى