لبنان.. يغرق؟ لايغرق؟
مرصد مينا
أيّ وصل إليه حال لبنان، سيبقى كما وصفه بابا الفاتيكان “رسالة”، اكثر مما هو دولة، أما الرسالة فهي “الحريات”، “الديمقراطية” ومنتوجهما التعايش مابين طوائف ومذاهب، إن كان لإحداها غلبة على الأخرى، يكون الانفجار.
حدث هذا منتصف السبعينيات يوم اشتغل الموارنة على الغلبة، وسيحدث اليوم إذا ما اشتغل الشيعة عليها، ففي منتصف السبعينيات كانت القوّة الغالبة هي القوّة المارونية بتحالف شمعون مع الجميل، واليوم إذا ما اشتغل احد على الغلبة فسيكون تحالف “أمل، حزب الله”.
الشيعة يدركون المخاطر، وكل اللبنانيين يدركون هذه المخاطر أيضاً، ولابد أن يتجه الكل إلى صيغة “لاغلب ولا مغلوب” وإلاّ سيكون الكل في مطحنة الدمار.
نبيه بري يدركها وهو من زعماء الحرب الاهلية، ولا نظن أنه سيكون جاهزاً لاستعادة تلك الزعامة إن كان بمقدوره أن يحدّ من الحرائق، أما حسن نصر الله، فله دولته داخل الدولة، والاشتغال على توسعتها عبر قضم “الدولة الام” سيعرضه لمخاطر هو يدرك مايمكن أن تؤول عليه وعلى طائفته، ولهذا فالكل، ونعني كل الطوائف تشتغل على “بلع” السكين، دون إشهاره، تبلعه على مافيه ومايصحبه من آلام سيكون أسهل من إشهاره.
اللبنانيون اليوم في ذروة ازماتهم، فالمال نهب، والثروة آلت إلى محتكرين لها، وفرص النجاة من المجاعة باتت محدودة، غير أن ثمة فضاء ما، وهذا الفضاء ربما يتمثل في “إفلاس الدولة” الذي لايعني إفلاس الأمّة، فلبنان الشعب، اقوى من لبنان الدولة، حتى يمكن وصف حاله بأنه “أمّة بلا دولة” وهذا عكس العرب، كما حال جاره السوري الذي بات “دولة بلا أمّة”، وقد احتكرت الدولة الامّة وألغتها حتى بات “الحاكم” هو الأمة، يقرر مصيرها ويستفرد في تقرير هذا المصير حتى ولو آل إلى ما آلت إليه سوريا من زمن نازف وصل قتلاه إلى المليون فيما وصل مشردوه إلى نصف السكّان، هذا عداك عن تحويل المنازل إلى سجون والرأي إلى مقصلة.
أيّ كان حال لبنان فعوامل الإنقاذ ممكنة:
ـ إصلاح النظام ممكن.
ـ استعادة الاقتصاد ممكنة.
الحوار اللبناني / اللبناني لم ينقطع، ولم يصل إلى لعبة الخناجر ولن يصل إليها.
كل هذا وذاك دون نسيان أن المجتمعات الحرة، لابد وتشتغل على إنقاذه ومد خشبة الخلاص لمن أوشك على الغرق في طوفانه.
لن يحدث التخلّي عن لبنان وإن تأخر.
لماذا؟
لسبب واحد، وهو أنه تحوّل إلى رسالة.
لم يكن بابا الفاتيكان يكذب حين وصفه بهذا الوصف.