fbpx

لماذا رفعت الحصانة البرلمانية عن فائق الشيخ علي؟

منذ بضعة أيام، يتصدر موضوع إسقاط الحصانة البرلمانية عن النائب في البرلمان العراقي فائق الشيخ علي العناوين الإعلامية البارزة ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي ونقاشات المنتديات العراقية الإلكترونية.

ومن المثير الاطلاع على ردود المعني نفسه، الذي اتهم الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، بأنه من “أمر” بقرار رفع الحصانة. ففي إحدى تغريداته العديدة التي نشرها على حسابه في “تويتر”، سخر الشيخ علي من القائد الإيراني، الذي يعدّه المراقبون “الحاكم الفعلي” في العراق منذ سنوات.

جاء في التغريدة: “رسالة لا أنتظر جوابها.. يعني وَنْ وَيْ!.. الأفخم الأكرم الجنرال قاسم سليماني المحترم: أهنئك من كل قلبي على النصر الذي حققته أنت، من خلال أشقائك في مجلس نوابنا العراقي برفع الحصانة عني”. وأضاف من باب السخرية: “ساعدك الله يا سليماني على حجم الجهد الذي بذلته في تربيتهم وإعدادهم. أنت تستحق التحية”.

وكان مجلس النواب العراقي قد صوّت على رفع الحصانة البرلمانية عن الشيخ علي بعد جمع العدد الكافي من تواقيع برلمانيين على خلفية الخلاف الذي نشب بينه والنائبة السابقة، حنان الفتلاوي، المستشارة الحالية لشؤون المرأة لدى رئاسة الحكومة العراقية.

ففي وقت سابق، طالبت حركة “إرادة”، التي تترأسها الفتلاوي، رئاسة مجلس النواب برفع الحصانة عن الشيخ علي، الذي وصفته بـ “البذيء لتجاوزه على شرف المرأة العراقية”. وكان الشيخ علي قد كتب تغريدات عدة طعن فيها بالفتلاوي، التي بادرت بدورها بإعادة نشر تغريدات موجهة ضده من قبل مؤيديها. ثم أعلنت عن قيام مجلس القضاء الأعلى برفع ثلاثة طلبات برفع الحصانة عنه إلى رئاسة مجلس النواب، اثنين منها من طرفها شخصياً، تتهمه فيهما بالإساءة والتشهير والقذف، والطلب الثالث بتهمة “تمجيد حزب البعث المنحل”.

ومن خلال الاطلاع على مئات التعليقات في المنتديات العراقية، يظهر جلياً أنه لا يخفى على العراقيين في غالبيتهم الساحقة أن الطلبين الأولين لم يكتسيا أي أهمية، بينما “تسكن العَبرة” في الطالب الثالث: “تمجيد حزب البعث المنحل”. فذلك الاتهام يشكل تغطية لغيظ كامن منذ سنوات ضد الشيخ علي لتصريحاته المتكررة ضد طهران وشجبه تدخلها في شؤون العراق، ودحضه الأحزاب الدينية وذيليتها وتواطؤها وعجزها وبطلان سياساتها.

أما “تمجيد البعث”، فاستند على تصريح قارن فيه حكام العراق الحاليين وبذخهم وإسرافهم بـ”وفاء الرئيس الراحل الأسبق، أحمد حسن البكر”، الذي شدد، مثلاً، على أنه “كان يحرص على شراء أحذيته من الصناعة الوطنية”، تحديداً من شركة “باتا”، التي كان لها مصنع في محلة الناظمية، في قاطع الكرادة الشرقية، وكانت في سبعينات القرن الماضي تصدّر مئات آلاف الأزواج سنوياً إلى الاتحاد السوفياتي السابق بموجب اتفاقية تبادل تجاري عقدها النظام السابق مع موسكو. وذكر بعصبية أن “قندرة” (حذاء) الرئيس البكر “تسوى” (تستحق أكثر) من مجمل المسؤولين السياسيين العراقيين الحاليين.

لكن ذلك التصريح عن أحذية الرئيس الأسبق لم يكن إلا تحصيلاً حاصلاً. فقد أكثر النائب فائق الشيخ علي من التصريحات المناوئة للنظام الإيراني. على سبيل المثال، أكد في حديث تلفزيوني سابق أن ثمة علاقة تواطؤ متينة بين إيران و”إسرائيل”، مشيراً إلى أن الأخيرة لم ولن تعمد إلى أي عمل عسكري ضد “حليفتها إيران”، وأن العداء الظاهر بينهما “مجرد تمثيلية”. وأرجع متانة العلاقة إلى جذور تاريخية، قائلاً في هذا الشأن إن اليهود ممتنون لإيران منذ 2500 سنة لقيام ملكهم قورش بتحرير أجدادهم من بابل بعد السبي الذي أرضخهم إليه جد الملك البابلي نبوخذنصر، ثم نبوخذ نصر نفسه من بعده للمرة الثانية.

وفي مقابلات إعلامية أخرى، لا تعدّ ولا تحصى، ما انفك الشيخ علي يعرب عن استيائه من تدخل النظام الإيراني في الشأن العراقي عبر مسؤولين دنيويين ودينيين، هم إما إيرانيون جملة وتفصيلاً أو يدينون بالولاء والانصياع التامين لنظام طهران. على سبيل المثال، عندما دعا رجل الدين يوسف الناصري إلى حلّ الجيش العراقي مجدداً واعتماد “الحشد الشعبي” بديلاً وحيداً وشرعياً عنه، بادر الشيخ علي إلى فضح هويته الحقيقية: اسمه الحقيقي عماد كاكائي، وليس يوسف الناصري، وهو إيراني قح، ليست له أي علاقة بالعراق.

وتلك مجرد أمثلة عن تضارب توجهات الشيخ علي مع مصالح من درج العراقيون على تسميتهم “الذيول” في الحديث عن معظم المسؤولين الحاليين في بغداد.

ومن المثير أيضاً الاطلاع على سخرية المعني من الأحزاب الدينية إزاء قرار رفع الحصانة عنه. حيث ذكر في تغريدة عقب إعلان القرار ما معناه “ستحتفل أحزاب الإسلام السياسي المزيَّف اليوم بعد رفع الحصانة بممارسة السكس (الجنس) مع المخدرات التي تدخل إلى العراق بالطريقة الأرجنتينية”، متهكماً من تصريح لرئيس الوزراء عادل مهدي، قال فيه إن المخدرات تأتي من الأرجنتين، بينما لا يخفى على أحد أنها تهرَّب يومياً من إيران.

ويتساءل العراقيون: الآن وقد رفعت الحصانة البرلمانية عن أمين عام حزب الشعب للإصلاح، هل سيحال إلى القضاء لكي تكتمل المسخرة؟

هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى