fbpx

طالبان..من بحر المفاوضات إلى مستنقع الإرهاب

لا تجري الرياح في أفغانستان على الطريقة التي يريدها ساسة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا حتى على صعيد حركة طالبان، فرغم المفاوضات المكوكية، والحراك السياسي الكبيرين، إلا أن نتائج التفاهمات سرعان ما تم نسفها بتفجيرات إرهابية تبنتها الحركة على وجه السرعة.

عمليات الأخذ والرد بين طالبان وواشنطن، والمراوحة في المكان، يراه مراقبون للشأن الدولي، أمر طبيعي، فالحركة التي تريد إظهار قوتها عبر التفجيرات الإرهابية، تشعر في ذات الوقت بتحقيق نوع ما من الانتصار، حتى لو كان كذلك على الصعيد الإعلامي، حيث تستغل المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية لتعويم هكيلها الجديد، وبأنها لم تتنازل للأمريكان، وهذا لعله بعيد بعض الشيء عن الدلالات المادية التي أفرزت المفاوضات بعض الجوانب منها.

ففي أول رد رسمي لحركة طالبان الأفغانية على تعليق الولايات المتحدة الأمريكية المفاوضات معها على نحو مفاجئ وقبيل ساعات من مفاوضات سرية كانت ستجري أمس الأحد في منتجع كامب ديفيد، هددت الحركة الرعايا الأمريكيين.

طالبان، في خضم ردها، قالت: ” إن قرار الرئيس ترامب إلغاء محادثات السلام مع قادتها سيؤدي إلى إزهاق أرواح مزيد من الأمريكيين، وخسارة مزيد من الأصول الأمريكية”.

كما صرح المتحدث الرسمي باسم الحركة “ذبيح الله مجاهد” في بيان صدر أمس الأحد قائلاً:” سيعاني الأمريكيون أكثر من أي طرف آخر بسبب إلغاء المفاوضات، إن المحادثات كانت تجري بصورة سلسة حتى يوم السبت، وأن الجانبين اتفقا على عقد محادثات بين الأفغان في 23 سبتمبر أيلول”.

أفغانستان.. الحكومة

من جهته قال مكتب الرئيس الأفغاني “أشرف غني” رداً على تصريحات الحركة:” إن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما توقف حركة طالبان العنف، وتجري محادثات مباشرة مع الحكومة”.

وفاجأ الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” الجميع مساء السبت 7 أيلول الحالي، بإعلانه إلغاء إجتماع قمة كان مقررا عقده سرَّا مع قادة حركة طالبان الأفغانية ووقف “مفاوضات السلام” الجارية معهم منذ عام، في وقت بدت على وشك التوصل إلى اتفاق تاريخي ينهي نزاعا مستمرا منذ 18 عاما.

وكشف ترامب أنه كان من المفترض أن يلتقي “قادة طالبان الرئيسيين وبشكل منفصل رئيس أفغانستان (أشرف غني) بشكل سرّي الأحد في كامب ديفيد”.

وأوضح مبررا قراره “وضع حد لمفاوضات السلام” أن طالبان “اعترفوا للأسف باعتداء في كابول أسفر عن مقتل أحد جنودنا العظماء و11 شخصا آخر، سعيا منهم لتكثيف الضغط”.

الرئيس الأمريكي قال أيضاً:” أي نوع من الناس يقتلون هذا العدد من الاشخاص من أجل تعزيز موقعهم التفاوضي؟ لم يحققوا ذلك، بل جعلوا الأمور أسوأ”. وختم “إن لم يكن باستطاعتهم قبول وقف إطلاق نار خلال مفاوضات السلام هذه البالغة الأهمية، وهم في المقابل قادرون على قتل 12 شخصا بريئا، فهم على الأرجح لا يملكون الوسائل للتفاوض على اتفاق مجد” متسائلا “عن مدى كم من العقود يريدون الاستمرار في القتال؟”.

وتبنت حركة طالبان التفجيرين الانتحاريين في حي حيوي وسط العاصمة كابول، والذي كان أحد ضحاياهما، جندي أمريكي.

الحيثيات الأخيرة

كانت المفاوضات الأمريكية مع حركة طالبان قد قاربت من الوصول إلى انفراجة، بعد سلسلة من المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بلغت 9 جولات، وقال رئيس التفاوض الأمريكي “زلماي خليل زاد” أنه وفي وقع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” على نص الاتفاق مع الحركة فسوف تنسحب القوات الأمريكية من 5 قواعد خلال 135 يوم، على أن تتعهد الحركة بعدم جعل أفغانستان أرضاً للمجموعات الإرهابية المتطرفة.

لكن وفي نفس الوقت الذي كان “زلماي خليل زاد” يعلن نتيجة التفاوضات في مقابلة صحفية، نفذت الحركة هجوماً على شارع حيوي وسط العاصمة كابل يسكنه أجانب، كما نفذت هجوماً ثانياً بعد عدة أيام، قتل في أحدهما الجندي الأمريكي.

عمليات إرهابية

في السابع من شهر أيلول- سبتمبر الحالي، اختطفت حركة “طالبان” 6 مراسلين أفغان، في ولاية باكيتا شرق أفغانستان، حسبما أوردت محطة “طلوع نيوز” التلفزيونية الأفغانية.

ونقلت المحطة عن مصادر لها أن عملية الاختطاف تمت في منطقة زيرمات، عندما كانت مجموعة من المراسلين العاملين لمحطات تلفزيونية وإذاعية خاصة تبث الأخبار باللغتين البشتوية والأردية، في طريقهم من ولاية بكتيكا إلى ولاية بكتيا المجاورة لحضور ورشة عمل، يوم أمس الجمعة 6 أيلول الحالي.

واعترف المتحدث باسم حركة طالبان “ذبيح الله مجاهد” بوقوف الحركة وراء الاختطاف، لكنه قال إن “خطأ” ارتكب وسيتم إطلاق سراح الصحفيين قريباً.

تعهدات طالبان

قال رئيس الوفد الأمريكي للتفاوض مع حركة طالبان الأفغانية، يوم الاثنين 2 أيلول- سبتمبر الحالي، أن اتفاق أمريكياً مع الحركة المتشددة جرى، وعلى أثره ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بسحب أكثر من 5 آلاف جندي أمريكي من أفغانستان.

في حين كشف رئيس وفد طالبان “زلماي خليل زاد” أنه يتوجب على حركة طالبان بمقابل سحب الجنود الأمريكين من بلادهم، حفظ البلاد أمام الحركات الإسلامية المتطرفة، وإنهاء الفكرة السائدة لدى هذه الجماعات بأن أفغانستان هي قاعدة التشكل والإنطلاق.

كما أن شروط الانسحاب تفرض على حركة طالبان وقف إطلاق النار، والتفاوض مع الحكومة الأفغانية الحالية، وفي حال تم التزمت الحركة بالشروط الأمريكية ووافق “ترامب” على الاتفاق، فإن القوات الأمريكية ستخلي 5 قواعد خلال 135 يوم.

كما أن شروط الانسحاب تفرض على حركة طالبان وقف إطلاق النار، والتفاوض مع الحكومة الأفغانية الحالية، وفي حال تم التزمت الحركة بالشروط الأمريكية ووافق “ترامب” على الاتفاق، فإن القوات الأمريكية ستخلي 5 قواعد خلال 135 يوم.

القوات الأمريكية

أعلن “دونالد ترامب” في وقت سابق من هذا الشهر، بأن بلاده ستحافظ على وجودها العسكري في أفغانستان حتى بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع حركة “طالبان”، وستبقي ضمن مهمتها هناك 8600 عسكري.

وهذا ما أكده أيضاً رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال “جوزيف دانفورد” حيث قال بأن الحديث لا يدور حاليا عن سحب واشنطن قواتها من أفغانستان لأن حكومة كابل لم تعد قادرة على ضمان الأمن في البلاد.

وأكد “دانفورك” أنه أدرك منذ زمن أن هذه المهمة تحتاج إلى مفاوضات سلام، مقرا في الوقت نفسه بوجود مخاوف لدى البنتاغون من إمكانية أن يتمخض عن المفاوضات الجارية قرار سحب القوات الأمريكية التي يبلغ تعدادها 14 ألف عسكري قبل أن تصبح قوات الأمن المحلية قادرة على أداء مهامها بنجاح دون مساعدة أمريكية.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى