ماذا لو توقفت الحرب؟
مرصد مينا
هو السؤال الذي سيطرح بقوّة عن “ما بعد الحرب”، وما من حرب إلاّ وكان لها “ما بعدها”.
على المستوى الإسرائيلي ستكون المحاكمات، وسيكون أول الذاهبين إلى المحاكمة بنيامين نتنياهو مع مجلس حربه وأجهزته الأمنية ليوجّه إليهم سؤالاً محدداً:
ـ هل انتابكم النوم ما قبل إطلاق “حماس” لـ “طوفان الأقصى”، وما هي كل تلك الاختراقات التي وقعت للجسم العسكري والأمني الإسرائيلي، والمرجّح أن لا ينجو بنيامين نتنياهو وصولاً إلى الزنزانة أو ما يشبهها، وبالنسبة لنتنياهو فالعزل يساوي السجن، وكان خيال الرجل قد ساقه للاعتقاد أنه سيكون في حاضر إسرائيل ما يساوي بن غوريون أو غولدا مائير في ماضيها.
على المستوى الفلسطيني سيكون السؤال:
ـ هل ستنتهي “حماس” كمنظمة أخذت طريقها إلى السلطة ما بعد 2007 أم ستنتهي إلى “منظمة سياسية” لابد وتكون جزءاً من السلطة الفلسطينية؟
وستكون الإجابة من شقين، هذا إن لم تفلح إسرائيل بترحيل “الغزاويين” لـ “وطن بديل” يدعى سيناء أو النقب، وما تشتغل عليه الآلة الإسرائيلية هو الوصول لهذا الهدف:
ـ إن صمدت “حماس”، وحافظت على جسمها العسكري، سيكون للكلام ما يختلف عن انهيارها العسكري، وهو احتمال ليس ثمة من يرجّحه إلى اللحظة، فالانهيار طال المدنيين والمباني فيما الجسم العسكري لحماس مازال يشتدّ عوده، وما دام الأمر كذلك، ستكون آفاق اللحظة الفلسطينية إلى المزيد من الاشتباك ما بين “حماس” و “سلطة رام الله”، وهو صراع أعلى شدّة من الحرب وإن استُبعِد منها خيار السلاح الذي يعني مواجهة فلسطينية فلسطينية تستعيد تراث الصراعات الفلسطينية السابقة وقد حملت ذاكرة ربما يختزلها اغتيال ياسر عرفات، كما اغتيالات فلسطينية / فلسطينية قد يكون احد ضحاياها وأعلامها ناجي العلي.
على المستوى الدولي، سيكون الاشتغال على “حلّ الدولتين” بما يعني دولة فلسطينية بجوار دولة إسرائيل، وهذا ما سيواجهه اليمين الإسرائيلي بالحديد والنار، فدولة إسرائيل ما زالت بالنسبة للصهيونية المتطرفة “من الماء إلى الماء”، وهنا سيكون للإدارة الأمريكية دورها الكابح أو الضاغط، وليس ثمة من رهان يفيد بأن السيد “جو بايدن” قادر على الإمساك بعنق الإسرائيلين المتشددين، ما يعني عودة الحال إلى ما كان إليه ما قبل الحرب دون احتساب الضحايا التي أوقعت الحرب بهم بما أعاد للمقابر الجماعية سيرتها وكان العالم قد نسيها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
على المستوى اللبناني ومحور المقاومة، سيخرج حسن نصر الله مبشّراً بالنصر، والمنتصر على إسرائيل لابد منتصر على اللبنانيين، بما يعيد لبنان إلى قبضة “حزب الله” ومن بعدها ستكون احتمالات الانفجار اللبناني وقد استحال التعايش في احتلال الدويلة للدولة، أما عن طهران، وهي مُرضِعة الحروب، فقد تفوز عبر موقع “الحَكَم” بالتصرف بأطرافها وبتفويض أمريكاني يستند إلى:
ـ اليد التي لا تُعضّ تُباس.
وهذا استخلاص سيكون وليد تحييد الاشتباك المباشر مع طهران أيام الحرب، وإطلاق يد وزير خارجيتها ليتحوّل إلى الناطق الرسمي باسم المحور دون أن يتحول إلى شريك في خنادق الحرب.
ما هي محصلة النتائج؟
قتلى من الجانبين، فلسطيني وإسرائيلي، ودمار بالغ التوحش وحدهم الفلسطينيون دفعوا أثمانه، فإذا كان لإسرائيل “آباء” قادرون على مساندتها وإعادة ما دمّر منها، فالفلسطينيون أيتام هذا العصر، ليس لهم سوى “الله”، وعلى ما يظهر من الصورة فإن “الله” اتخذ وصف بونابرت حين سئل:
ـ مع من سيكون الله، مع البروتستانت أم مع الكاثوليك؟
أجاب بونابرت:
ـ الله مع المدفع الأطول.