محكمة باريس تدين لوبان بتهمة الفساد وتمنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية

مرصد مينا
في حكم طال انتظاره، أصدرت محكمة باريس يوم أمس الأثنين قراراً يقضي بإدانة مارين لوبان، الرئيسة الحالية للكتلة البرلمانية لحزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف والمرشحة المحتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة، بتهمة اختلاس أموال عامة، مع فرض عقوبة عدم الأهلية للترشح في المستقبل مع التنفيذ الفوري لمدة خمس سنوات.
وأُدينت لوبان بالضلوع في اختلاس مبلغ قدره 2.9 مليون يورو، بعدما تم تحميل البرلمان الأوروبي تكاليف موظفين كانوا في الواقع يعملون لصالح حزبها.
وقالت المحكمة إن مارين لوبان كانت “في قلب نظام منظم” يتعلق بهذا الاختلاس، مما يعكس حجم المخالفات التي ارتُكبت تحت إشرافها.
وطلب قضاة المحكمة في قرارهم فرض عقوبات صارمة بحقها، بما في ذلك حرمانها من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة مع تطبيق العقوبة بشكل فوري حتى في حال الاستئناف، إضافة إلى السجن لمدة خمس سنوات، منها سنتان نافذتان، فضلاً عن غرامة مالية قدرها 300 ألف يورو.
وعلى الرغم من إدانتها، رفضت لوبان الحكم واعتبرته بمثابة “اعتداء على الديمقراطية”، مؤكدة أن الأولوية يجب أن تكون للشرعية الانتخابية بدلاً من قرارات القضاء.
وأدلت بتصريحات تتهم القضاة بـ”حكم البلاد”، وهو خطاب ينسجم مع الجدالات التي طرحت في الولايات المتحدة حول ما يسمى بـ”حكم القضاة”، لكنها في الوقت نفسه تجاهلت حقيقة أن النظام القضائي الفرنسي يختلف تماماً عن نظيره الأمريكي.
في فرنسا، تُنطق الأحكام القضائية باسم الشعب، وهو ما يتناقض مع محاولة لوبان تقويض هذه القرارات من خلال الشعارات المتعلقة بالانتخابات والشعب.
القضاة الفرنسيون لا يطبقون سوى القوانين التي تم تبنيها من قبل ممثلي الشعب المنتخبين، وهي قوانين تتعلق بالنزاهة العامة ومكافحة الفساد.
ومع تزايد الفضائح السياسية في فرنسا، عمل المشرّع الفرنسي على تعزيز هذه القوانين من خلال قانون “سابان 2” الذي دخل حيز التنفيذ في ديسمبر 2016، والذي ينص على أنه في حال ارتكاب جرائم متعلقة بالنزاهة العامة مثل اختلاس الأموال العامة، يجب أن تُفرض عقوبة عدم الأهلية للترشح بشكل إلزامي.
ورغم أن القضاة يمتلكون حق استثناء بعض الأفراد من هذه العقوبة بناءً على “ظروف الجريمة” أو “شخصية المتهم”، إلا أن ذلك يبقى استثناء نادراً جداً.
ومنذ عام 2017 وحتى 2022، لم يُستثنَ أي شخص من هذه العقوبة رغم إدانته باختلاس أموال عامة، وهو ما يجعل من غير المحتمل أن يتم إعفاء لوبان من هذه العقوبة، خصوصاً بالنظر إلى طبيعة الجرائم التي ارتكبت.
وفيما يتعلق بإجراءات تنفيذ العقوبات، فإن القضاة يمكنهم اتخاذ قرار بتطبيق العقوبات بشكل فوري عبر “التنفيذ الفوري”، الذي يهدف إلى منع التأخير الكبير في تنفيذ الأحكام القضائية، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان العقوبة لفعاليتها.
وبالتالي، في حال تم تنفيذ الحكم الفوري، فإن لوبان ستكون ممنوعة من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة حتى في حال قررت استئناف الحكم، مما يضع مستقبلها السياسي في خطر.
في الأثناء، أثار حزب “التجمع الوطني” الجدل بعد قرار المجلس الدستوري في 28 مارس الماضي بشأن مسؤول محلي في مايوت حُكم عليه بعدم الأهلية، مما اعتبره البعض بمثابة إشارة إيجابية لمارين لوبان.
ومع ذلك، فإن القرار النهائي في هذه القضية يبقى في يد محكمة باريس، التي سيكون لها الدور الحاسم في تحديد مصيرها السياسي في المستقبل.