وقد بدّل الإسرائيليون آلهتهم
نبيل الملحم
بعد تداعيات “طوفان غزة”، وما آلت إليه المساحة الأكثر كثافة بالسكّان على مستوى العالم، كل العالم، بات على حزب الله أن يحسب لبوابة الجحيم، فغزة، وعلى ما حمل أهلها من روح قتالية، ربما نسيت الرقصات السعيدة التي أطلقها “حلف الممانعة”، فالبلاد تُدمّر لحظة وراء لحظة، بما جعل الحياة مستحيلة تحت وابل القنابل الأشد فتكاً والرحيل المسدود ما بعد انسداد معبر رفح، وكلّه من نتائج المغامرة غير المحسوبة، دون نسيان تلك اللغة التي تحوّل الموت إلى انتصار.
حزب الله، ومحور المقاومة، لابد وشغّل ماكينته الإعلامية ليحث من تبقّى على الموت “شهيداً”، فيما آلته الحربية معطّلة تماماً، فالإيراني الناطق باسم آيات الله، لم يتزحزح قيد أنملة نحو خنادق المواجهة، ولم يُقدّم حتى اللحظة يداً ممدوة بالسلاح إلى مقاتلي غزة، باستثناء عملية استعراضية اشتغل عليها حزب الله، لا لشيء سوى لتأكيد حضوره / الغائب، وهو يعلم تمام العلم بأن خطابات حسن نصر الله وسبابته الممدودة، لن تزيد على الكارثة سوى كارثة إذا ما تقدّم نحو مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، وطالما “حكى” بزوال إسرائيل، وهو “الزوال” الذي لن يحبذه يوماً مادامت شرعيته وشرعية سلاحه، وبالنتيجة هيمنته على مقدرات لبنان وناس لبنان، مرتبطة عضوياً بهذا الصراع الذي إذا ما انطفأ فليس لهذا سوى محصلة واحدة:
ـ إسقاط حزب الله بإسقاط دلالته.
أوشك الأسبوع الأول من حرب غزة على الانتهاء، لا “ملالي السلاح” تقدموا خطوة لنجدة غزة، ولا ذراعهم اليمني زاد على ما هو أكثر من الخطابات المملة الطويلة التي تفتقد حتى إلى اللغة، ولا حشده في العراق تسبب بإطلاق صفارة إنذار في تل أبيب، امّا عن بشار الأسد، فصواريخه التي طالت حلب ومن ثم إدلب، ولابد أن جاهزيته كاملة لتدمير ما تبقّى مما لم يدمر في سوريا، فاكتفى بإطلاق قذيفتين ضلّتا طريقهما ووقعا في الأرض السورية.
وبقيت غزة وحيدة، ما أنتهى إلى ربع مليون مشرّد بلا مأوى، وبما قد ينتهي بتدمير كامل لتلك البلد الأشد فقراً وعوزاً، فيما قيادات حماس ترسل خطاباتها من المنصات القطرية لتدعو العين لمقاومة المخرز، وقد منحت ترسانة القتل الإسرائيلية كل مبررات القتل، وسط تأييد عالمي حوّل الضحية إلى جلاّد، لتبدو نتائج الحرب كما لو أنها ترسم نهاياتها:
ـ ترحيل الغزاويين إلى سيناء، ليضاف إلى المخيمات مخيمات.
ـ منح الإسرائيليين المزيد من السلاح الفتّاك الذي لا يملكه سوى نخبة الناتو.
ـ إحباط عربي سيقود إلى قاع اليأس ما بعد الرقصات السعيدة.
ليس ثمة ما يُقال سوى:
ـ ملالي طهران، وأذرعهم، منحت إسرائيل ما لم يمنحها “وعد الرب”.
ثمة إله واحد لإسرائيل اليوم وقد بدّلت إلهها، إنه:
ـ علي خامنئي، مع إضافة:
ـ المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.