يوم يهلل السوري للقصف الإسرائيلي
قصفت إسرائيل مواقع في مناطق مدنية مأهولة في دمشق، فكان الردّ الحكومي “إشادة بالتوازن الاستراتيجي الذي أرساه القائد الخالد حافظ الأسد”، أما الردّ العسكري فكان الصمت، وسيكون الصمت كما حاله في كل المرّات، أمّا رد الناس فقد انقسم إلى صامت حزين، أو متشفٍ بالقصف وتعبيره في منشور على صفحات الفيس بوك، والمنشور يحمل صورة للصواريخ التي تُضيء المكان، وقد أرفق بكلمة :”منوووووورة”.
جماعة “التوازن الاستراتيجي” يعلمون كامل العلم بأنه لاتوازن عسكري مع إسرائيل، فبين حين وحين تحوم الصواريخ الإسرائيلية في سماء دمشق وتهبط سالمة لتدمّر في المكان، وجماعة الصمت الحزين، يعلمون تمام العلم بأن ليس أمامهم سوى “الحزن” عما آلت إليه البلاد، ولابد وستكون الوقفة مع “الشامتين”، وهؤلاء يخوّنون على الدوام باعتبارهم يهللون للصواريخ الإسرائيلية.
الوقفة معهم لا تأييداً لتهليلاتهم، بل للقول بأن البلد لم تعد لسكّانها، وهذا حالها من زمان، من اليوم الذي استولى به العسكر على السلطة فباتوا هم الوطن، والناس رعايا، مجرد رعايا بالوسع طردهم، أو حجزهم، أو الاعتداء على ممتلكاتهم، ومادامت البلد للنظام وحده، فعلى النظام أن يقلع شوكه بأيديه، وليس الناس لبلد سوى الهجرة من الفندق الرخيص الذي أطلق عليه مجازفة اسم “وطن”.
هؤلاء “المهللين” أنفسهم، كانوا وبكل الجاهزية مع قوى التحرر، وبعضهم ممن ينتمون إلى جيل الخسمينيات حملوا بندقية “منظمة التحرير”، وهتفوا بملئ حناجرهم للـ “الكفاح المسلح”، وهم أنفسهم ممن رفعوا السلاح في حرب 1973، وهم أنفسهم من كان “النصر الواهم” للنظام قد تحوّل إلى الانتصار عليهم، فوطّد سلطة الدكتاتور وأعطاه الشرعية اللازمة ليحكم بالحديد والنار ومن بعدها ليوجه سلاحه إلى الداخل لتكون معركته مع المدن تدميراً وسفكاً للدماء.
حدث هذا ما بعد حرب تموز، يوم أعلن “حزب الله” نصره الإلهي، فكان النصر على الناس، ليتحوّل لبنان إلى مساحة للحزب وقمصانه السوداء، فـ “حرّر الجنوب” واستباح بيروت، بما جعل “نصره الإلهي” وبالاً على الناس وحياة الناس.
كل هذا وذاك بات في العقل العام لا يعني سوى:
ـ إذا ماحققوا نصراً على إسرائيل فسيرتد نصرهم وبالاً على الناس، حتى ولو كان نصراً واهماً، لا توازن فيه ولا استرتيجيات له.
لهذا ثمة من يعلّق على قصف دمشق بـ :
ـ منوووورة.
يعلّق لا لخيانة وطنية مزروعة بدمه.
يعلّق لأنه يعلم تمام العلم بأنه في فندق سيء الخدمة اسمه “وطن”، لا بل على رصيف وطن.. لا بل في سجن نعتوه قسراً بالوطن.