fbpx

لعنة بنيامين

مرصد مينا

قد يتحوّل بنيامين نتنياهو إلى كارثة كبرى في الذاكرة الإسرائيلية، سيحدث هذا بعد أن باتت شوارع العالم، أزقته، وجامعاته، وملتقيات شبابه، وحتى في الفضاءات الامريكية المفتوحة لإسرائيل، بات اسمه “سُبّة” ولعنة ما بعد حرب غزة، أكثر من ذلك، لم يعد حتى لمن استقبله من العرب فرصة لاستقباله ثانية، وربما سيتضح ذلك من خلال علاقاته مع الجارة الأردن، بل ومع مجموعة المسؤولين الذين درجوا على لقائه مرتين أو ثلاث مرات في السنة حيث ستكون اللقاءات في فنادق نتانيا والبحر الميت.

ما سبق لم تقله “يديعوت احرونوت” غير أنها وعلى لسان محررها سمدار بيري، سردت الحكاية وببعض التفصيل، فحسبها، ونعني “يديعوت أحرونوت” فإنه ما بعد 7 أكتوبر، تدهورت العلاقات مابين الأردن وإسرائيل بسرعة مفزعة.

ستصف يديعوت هذا التدهور بـ ” السقوط الأشد والأكثر إيلاماً لإسرائيل مع دولة من العالم العربي”.  وفي شرحها للأمر تقول الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الوزراء نتنياهو يضبط نفسه في وقت يستمر فيه وزراء اليمين في طرح اقتراحات زعرنة للحل. ويشتبه الملك عبد الله بأن نتنياهو يتآمر لمنح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حيازة المسجد الأقصى؛ فتتمكن السعودية من إضافة “الحرم” الثالث في قائمة الأماكن المقدسة تحت سيادتها، بعد مدينتي مكة والمدينة.

 وفرت إسرائيل على الأردن الانعطاف حول طرد سفير إسرائيل في عمان، روغل رحمان، حين بادرت إلى إعادته إلى القدس بحجة (مبررة) بأن بقاءه في المملكة يشكل خطراً على عاملي السفارة الإسرائيليين. وبالتوازي، أعيد وليس للمرة الأولى السفير الأردني غسان المجالي.

إنه تلميح شديد الوضوح لمنظومة العلاقات المتعثرة ما بين البلدين، كان يمكن قراءته في عدم دعوة رئيس الدولة إسحق هيرتسوغ، إلى عرس ولي العهد الأردني، مع أن هيرتسوغ رئيس دولة إسرائيل استبق الحال وبعث هدية باهظة الثمن للعريس.

 كانت رانيا الحسناء، ملكة الأردن، والوصف ليديعوت، أول من هاجمت إسرائيل بسبب جذورها الفلسطينية. ففي مقابلتين مع شبكة “سي.ان.ان”، لم تتردد الملكة في شجب إسرائيل،  وفي المقابلة الثانية، وإن كانت الملكة لطفت حدة الاتهامات تجاه إسرائيل، ومع ذلك أوضحت بأن “الرئيس بايدن لم يرَ بأم عينيه الأمور القاسية التي وقعت في إسرائيل، على حد زعمه”.

 بعد الملكة، جاء دور الملك عبد الله؛ فبعد أن حرص على توثيق العلاقات الوثيقة مع مكتب أبو مازن في رام الله، قفز إلى قصر الرئاسة بمصر للتشاور مع الرئيس السيسي. وبعث الملك، برعاية إسرائيلية وبإذن خاص من الجيش الإسرائيلي، ثلاث طائرات مساعدات إنسانية لقطاع غزة تنزل منتجات غذائية وأدوية من الجو مباشرة إلى المستشفى الأردني في قلب القطاع. آخر الطائرات هبوطاً برفح المصرية مع حمولة المساعدات، كانت رفعتها الأميرة سلمى، وهي الابنة الشابة للملك عبد الله.

 النبرة اللاذعة، الثاقبة، السامة، وهي الأوصاف التي استخدمتها يديعوت، يشددها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وهو ومن سيرته “ابن الطائفة الدرزية، 62 سنة، أعزب وحاد اللسان، داهية وذكي، تولى في بداية الطريق عمله مراسلاً في صحيفة “الحياة” في عمان، وحرر “جوردان تايمز” بالإنجليزية، وشغل منصب المستشار الكبير للأمير الحسن، عم الملك، وقفز إلى الخليج لأربع سنوات من الاستشارات السياسية، وعاد ليتولى منصب وزير الخارجية. الصفدي هو الوزير الأقدم في الحكومة، ومعروف كرجل الأسرار السياسية الأكبر للملك عبد الله”.

 منذ سنوات طويلة، عِقد على الأقل، لا توجد كيمياء بين الملك عبد الله ورئيس الوزراء نتنياهو. إسرائيل كفت عن التعاطي مع الأردن كـ “شقيقة صغيرة” مثلما كان متبعاً في عهد رئيس الوزراء رابين. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن الأردن يواصل حماية الحدود الأطول مع إسرائيل، وإسرائيل تمنح الأردن مياه الشرب والزراعة.

 غير أن خروقات التسوية الأردنية باتت الآن توتر الأعصاب المتوترة في الجانب الإسرائيلي. فضلاً عن أن وزير الخارجية الصفدي حاول إثارة الخواطر في محكمة لاهاي، وأوصى بانضمام الأردن إلى شهود الادعاء ضد إسرائيل.

 والآن، يوضح وزير الخارجية الصفدي بأن لا مجال للحديث أو للخيال في نقل سكان غزة إلى الأردن أو إلى مصر. ويقضي بأن “غزة وطنهم، وسيبقى”. بكلمات حادة، يحذر إسرائيل “ألا تجر الشرق الأوسط إلى حرب”، ويدعو الأسرة الدولية إلى التجند ضد “العدوان الإسرائيلي”. وعلى خلفية المظاهرات العاصفة في عمان وفي مدن أخرى، فإن الإسرائيليين مطالبون بالابتعاد عن المملكة، إذ ليس هناك من يضمن أمنهم.

يديعوت، وسواها من الصحافة الإسرائيلية تبشّر نتنياهو وحومته بـ “العزلة”، وبانهيار كل خطوة لسلام ممكن مع العرب جيران وبعيدون.

ربما ما تقوله يديعوت، سيكون بداية الرقصة.. رقصة الخناجر بديلاً عن رقصات المناديل.. لا مع حماس والقوى الراديكالية العربية.. لا، بل مع القوى والحكومات التي سجلت خطوات على طريق السلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى