مبادرة ورفض.. معركة مستمرة في ليبيا ونفوذ تركي تغذيه التوازنات الدولية
مرصد مينا – هيئة التحريل
يفتح قرار مجلس الأمن الدولي، بإجماع أعضائه على قرار تفتيش السفن، ضمن سياق تطبيق قرارا حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، تساؤلات عديدة، حيال مستقبل الملف الليبي والنزاع الداخلي، وفقاً للمحلل السياسي، “حسام يوسف”، الذي أشار في تصريح خاص لمرصد مينا، إلى الدور الذي تلعبه التوازنات الدولية والإقليمية في رسم المشهد على الأرض الليبية.
ما زاد من التكهنات حول مستقبل القضية الليبية أيضاً، إعلان الرئيس المصري، “عبد الفتاح السيسي”، اليوم، السبت، مبادرة لحل الأزمة الليبية تتضمن إعلانا دستوريا وتفكيك الميليشيات وإعلان وقف لإطلاق النار، اعتباراً من الثامن من الشهر الجاري، واحترام الجهود والمبادرات الأممية بشأن ليبيا وإحياء المسار السياسي لحل الأزمة اللبيبة.
استغلال للموقف وسياسة اللعب عل التوازنات
المبادرة المصرية، سرعان ما قابلتها حكومة الوفاق بالرفض، مشددة على لسان المتحدث باسمها، “محمد قنونو”،على أنها ستتابع عملياتها العسكرية ضد الجيش الليبي في الميدان، وهو ما اعتبره “يوسف” محاولة تركية لاستغلال الموقف الدولي غير الواضح وعدم جدية القوى العظمى لحلحلة الأزمة الليبية، بالإضافة إلى محاولة تحييد دور مصر في إنهاء النزاع الليبي.
إلى جانب ذلك، يشير “يوسف” إلى أن تركيا تتبع أسلوب اللعب على وتر التوازنات بين القوى الدولية لتثبيت وجودها في ليبيا، موضحاً: “تركيا تمكنت من وضع المجتمع الدولي أمام خيار السيء وهو سيطرة تركيا على ليبيا، وما هو أسوء، بتوسيع رقعة التواجد العسكري الروسي جنوب المتوسط، فهي تدرك حجم الندية بين روسيا من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، كما انها تدرك بأن كفة الميزان في مثل هذه المعادلة ستميل لصالحها، خاصةً وأن الغرب لا يرغب بالتورط في المستنقع الليبي”.
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء “أحمد المسماري” قد صرح بأن الجيش تعرض لضغوط دولية شديدة جداً للتراجع مسافة 60 كيلو متر عن طرابلس، وهو ما نفذه الجيش، لمنح فرصة إضافية للحوار بين الأطراف الليبية وتعزيز فرص الحل السياسي.
هنا يذهب”يوسف” إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا، قد تكون سعت إلى إحلال شيء من الهدوء على الساحة الليبية لطرح تسوية سياسية تجنبها تواجد روسي في ليبيا بذريعة حماية مصالحها، وتحد في الوقت ذاته من السيطرة المطلقة لتركيا على القرار الليبي، لافتاً إلى أن مستقبل ليبيا قد يقود إلى حكومة وحدة تضم شخصيات من حكومة الوفاق مقابل شخصيات معارضة، ضمن اتفاق تقاسم سلطة.
وتتهم منظمات حقوقية سورية ودولية، روسيا بتجنيد عدد كبير من الشباب السوريين لضمهم إلى مجموعات ميليشيات فاغنر المنتشرة في ليبيا، في حين اعترفت الحكومة التركية بوجود مقاتلين أجانب، معظمهم سوريين في صفوف القوات التركية المقتلة في محيط طرابلس.
كما يوضح “يوسف” أن الضغط على الجيش وتقدم الوفاق في محيط طرابلس، وتزامنه مع تمديد مجلس الأمن لمنع تصدير السلاح إلى ليبيا، يعني أن الأمور ستتجه بضغط دولي، إلى تسوية سياسية وأن ما تشهد الساحة الليبية لا يعتبر نصراً للوفاق، مرجحاً أن تقبل الأخيرة ومن خلفها تركيا في نهاية المطاف الدخول في مفاوضات اقتسام للسلطة ليبيا مستقبلاً، وأن الرفض الحالي هو رفض للوساطة المصرية وليس للدخول في العملية السياسية، كما أنه محاولة لتحقيق المزيد من المكاسب الميدانية، لاستخدامها كأوراق تفاوضية.
معركة لم تنته
مسارعة حكومة الوفاق والحكومة التركية لإعلان التفوق في الصراع الليبي، يمكن اعتباره “خطوة متسرعة”، حيث يشير الكاتب الألماني، “ميركو كايلبيرت” إلى أن تقدم حكومة الوفاق غرب طرابلس؛ لا يعني أن الحرب قد انتهت، لا سيما وان الجيش لا يزال يسيطر المنطقة النفطية الليبية، التي تحتوي على 70 في المئة من انتاج البلاد.
وتعتبر مدينة بنغازي والمناطق الشرقية الليبية، مناطق سيطرة شبه تامة للجيش الليبي، المدعوم من الحكومة الانتقالية المشكلة في تلك المنطقة ومجلس النواب الليبي، ورئيسه، “عقيلة صالح”.
مؤشر استمرار المعركة في طرابلس، يظهر من خلال تأكيد الباحث في شؤون الشرق الأوسط، “باول أنطون كروغر”، من خلال الإشارة إلى حجم التوجس الذي يخلقه التوسع التركي في ليبيا وشرق المتوسط، بالنسبة للمنظومة الأوروبية تحديداً، خاصةً وأن هذا التمدد يأتي بالتزامن مع اشتداد حروب حقول الغاز في المتوسط بين أنقرة وعدد من الدول الأوروبية.
وشهدت الأشهر الماضية تصاعد التوتر بين كل من تركيا من جهة وقبرص واليونان وإيطاليا من جهة أخرى، على خلفية عمليات التنقيب عن الغاز، التي تجريها تركيا في عدة مناطق من البحر المتوسط.
كما ينوه “كوكر” إلى عجز أوروبا عن بلورة موقف موحد بشأن الأزمة الليبية، في ظل وجود سياسة مترددة من قبل الولايات المتحدة، في إشارة إلى استفادة الموقف التركي من تلك الحالة، في تعميق وجودها داخل ليبيا.
وكانت قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا، قد أعلنت الأسبوع الماضي، نشرها قوات عسكرية على الحدود التونسية مع ليبيا، وسط اتهاماتأمريكية لروسيا بتأجيج الصراع في ليبيا.