عندما تقول دورثي شيا “فليكن سليمان فرنجية”
إنها “دوروثي شيا”، وقد يحلو إضافة “الباب العالي”، إلى صفتها كـ “سفيرة للولايات المتحدة في بيروت”، بيروت المقبلة على خراب ربما بـ “فعلها” وقد أضافت لأسباب الخراب خراباً، فالسيدة الأمريكانية تقول لـ “نبيه بري” لاعب الأكروبولات اللبناني “ولِمَ نكون ضد فرنجية، وماذا لو انتخب”.
كلام شيا هذا يفيد بأنه لا اعتراض أمريكي على سليمان فرنجية، وسيضيف توكيداً على عدم تمسك الإدارة الأمريكية بـ جوزيف عون” ليكون رئيساً للبنان، البلد المأزوم باختيار رئيس، لن يكون رئيساً إذا ماتوافق عليه الايراني مع الأمريكاني، ولو كان الأمر على هذا النحو لانتهت معضلة الرئاسة اللبنانية، وأكل اللبنانيون العنب دونما حاجة لقتل الناطور.
فرنجية وهو المحسوب على “الممانعة”، لاقى كل الاعتراض من ما يسمى “قوى الاستقلال اللبناني”، وكلنا على علم بأن ليس ثمة استقلال لبناني، فالبلد ومنذ حطّت حدودها على خيمة فؤاد شهاب، وقد جمعته بعبد الناصر، مازالت تتأرجح في خياراتها بما لايدع لها خياراً خارج اللعبة الدولية في أحيان والاقليمية في أحيان أخرى وموقع الرئيس سيكون هو بارمومتر اللعبة .
اليوم وبعد كلام شيا، بات أمام لبنان خيار واحد لرئيس واحد هو “سليمان فرنجية”، فكلام شيا يوحي بالموافقة على “ترئيسه”،
أما محلياً، فقد حرص نبيه بري على إبقاء الباب موارباً أمام تفاهم يبدو صعباً مع التيار الوطني الحر، بإشارته إلى “الورقة البيضاء التي سمت فرنجية من دون أن تكتب اسمه”، مدرجاً أصوات التيار ضمن هذا الترشيح. وهو إذ لم يغفل إمكان انتخاب فرنجية بالنصف زائداً واحداً، لفت إلى أن دوافع التأخر في إعلان ترشح فرنجية “المحاولات المبذولة لتوفير أوسع تأييد له”، و”انتظار الوقت” حتى يقتنع تكتل لبنان القوي بالانضمام إلى تأييد انتخابه.
وفي مقابل تظهير عناصر قوة المرشح الوحيد الجدي في السباق الرئاسي، حرص بري على إقفال الباب نهائياً أمام ترشيح قائد الجيش والجزم بأن لا تكرار لتجربة ميشال سليمان بانتخابٍ من دون تعديل دستوري، وبأن “تعديل الدستور متعذّر”. كما حرص، بالمقدار نفسه، على التقليل من شأن مرشح “الوقت الضائع”، ميشال معوض، مدركاً أن الطرف الآخر استهلك مرشحه عبر 11 جلسة، وهو ما أقرّ به بشكل غير مباشر رئيس حزب القوات سمير جعجع، أخيراً، بإشهاره سيف تعطيل الجلسات.
“نقلة” بري تضع الاستحقاق أمام مرحلة جديدة، أقله هذا ماتقوله صحيفة الأخبار الموالية لحزب الله، والنقلة تترافق مع رهانين اثنين: تسوية ما، يقتنع بها باسيل تتيح غطاء وطنياً وميثاقياً لترشيح فرنجية، وتغير في المزاج الإقليمي يفتح الطريق إلى قصر بعبدا أمام الأخير. وفي هذا السياق، فإن الموقف السعودي يبدو حتى الآن الأكثر حدة خارجياً تجاه هذا الترشيح. لكن رئيس المجلس يلمس تهدئة سعودية – سورية، ويدرك السعوديون أنه إذا كان فرنجية – محلياً – حليفاً للثنائي، فإنه – إقليمياً – حليف لدمشق.
من يقرأ الموقف الأمريكاني لابد ويتيقن أنه لن يضير الأمريكان أن يذهب بلد مثل لبنان إلى “الفوضى”، لا “الخلاّقة” التي حكت عنها كونداليزا رايس، ولكنها الفوضى القاتلة التي تعيد للميليشيات مكانتها في بلد كل من فيه تحت سطوة الميليشيا.
موقف سخيف وموارب للسيدة السفيرة، ولو كان غير ذلك لاستدعت حلفائها وقالت لهم بكل الصوت:
ـ حلّوها واقبلوا بسليمان فرنجية، فشرّه سيكون أهون الشرين، أو أن تقول لهم:
ـ تمسكوا بجوزيف عون إلى النهاية.. وأنا من ورائكم.
سفارة لها نصف باب.. نصف باب مفتوح لايعني سوى نصف باب مغلق، وفي حالة كما الحال اللبناني فلهذه الصيغة مخاطرها.