الحرب.. إنها في العام المقبل
العام المقبل عام حرب.. هذا ما تتوقعه الاستخبارات الإسرائيلية على ذمة “ها آرتس”، وتضيف بـ “ساحات مختلفة” و “بدون نية مسبقة”، ولا تنسى ها آرتس الحديث عن “تغيرات في المحيط الاستراتيجي لإسرائيل”، ومن بين التغيرت:
ـ تقليص الاهتمام الأمريكي بما يحدث في الشرق الأوسط، وازدياد الثقة الذاتية الإيرانية التي تتمثل أيضاً بمحاولات تحدي إسرائيل بصورة مباشرة وانعدام استقرار متزايد في الساحة الفلسطينية.
التغيير في مقاربة الولايات المتحدة وفق ها آرتس يظهر على مدى السنوات الأخيرة، فقد انتقل اهتمام واشنطن من الاهتمام بما يحدث هنا لصالح ساحات أكثر أهمية، أولاها المنافسة على النفوذ مع الصين والرغبة في وقف مغامرة روسيا العسكرية إزاء الحرب في أوكرانيا. ذلك أن اهتمامات الولايات المتحدة تحولت الآن إلى أمور أكثر فعلية. وعلى ذلك دلائل ذلك كثيرة: عدم المبالاة الأمريكية الواضحة إزاء الهجمات الجوية التي قامت بها إيران قبل سنة ضد السعودية والإمارات، ونقل طائرات قتالية متطورة من الشرق الأوسط إلى ساحة المحيط الهادئ، والحذر الذي ترد فيه الولايات المتحدة على هجمات المليشيات الشيعية بتوجيه إيران ضد قواتها في سوريا.
وستنبه ها آرتس بالقول “من الأفضل عدم طمس ذلك” فتغيير المقاربة الأمريكية في المنطقة يسرع خطوات المصالحة بين إيران والدول العربية السنية.
الفرضية في جهاز الأمن الإسرائيلي، هي أن علي خامنئي أعطى قبل بضع سنوات توجيهاً مباشراً لزيادة الجهود للمس بأهداف إسرائيل داخل حدود الخط الأخضر وفي “المناطق”، وتعزيز الدعم للتنظيمات الفلسطينية التي تنشغل بذلك.
“فيلق القدس” التابع لحرس الثورة الإيراني، والأجهزة الاستخبارية في إيران و”حزب الله”، جميعهم سرعوا الجهود للمس بإسرائيل طبقاً لتوجيهات الزعيم.
تضع إيران سياسة عامة وتحول الأموال، لكنها على الأغلب لا تنزل إلى التفاصيل التكتيكية للهجمات نفسها. تغيير موقف إيران هو رد مباشر على توجهات بعيدة المدى يعزوها النظام لإسرائيل: ازدياد الهجمات على الأراضي الإيرانية نفسها (نشاطات تخريبية في منشآت نووية واغتيال علماء ذرة وضباط في حرس الثورة)، وهجمات جوية ضد قوافل السلاح وقواعد لإيران موجودة في سوريا.
لإيران أسباب أخرى لتكون راضية مؤخراً إضافة إلى التراجع الأمريكي والمشكلات الداخلية التي تغرق فيها إسرائيل؛ فبعد أشهر كثيرة، يظهر هناك تباطؤ في احتجاج الحجاب وتحقيق سيطرة أكبر في الجبهة الداخلية بفضل استخدامها لوسائل قمع عنيفة. التحالف مع روسيا يقوي إيران، وتأمل بالحصول على منظومات دفاع جوية متقدمة وطائرات حربية مقابل المسيرات الهجومية التي قدمتها لروسيا لصالح الحرب في أوكرانيا.
التغيير الإيراني يتلاقى مع ساحة فلسطينية تغلي. حماس ما زالت تتجنب مواجهة عسكرية في غزة، لكنها طموحة أكثر بكثير في مناطق أخرى. إحباط الجيل الشاب الفلسطيني في الضفة الغربية اندلع قبل سنة مع زيادة قوة العمليات. والآن، فإن وفرة السلاح إلى جانب الاستعداد للقتال تحوّل كل عملية اعتقال للجيش الإسرائيلي في مدن شمال الضفة إلى اقتحام عنيف لمنطقة مأهولة ومكتظة، وتزيد عدد المصابين. ورغم أن معظم القتلى الفلسطينيين متورطون في محاولات تنفيذ عمليات أو استخدام السلاح الناري، فإن عددهم المتزايد يشعل النار الدائمة للمواجهة.
القاسم المشترك بين الأحداث الأخيرة من لبنان هو الاستعداد للانحراف عن معادلات الرد السابقة والاستعداد للمخاطرة بخطوات جدية أكثر، رغم أن احتمالية ذلك ستؤدي إلى رد شديد من قبل إسرائيل.
تحكي ها آرتس عن أحد الوزراء المجهولين في قائمة بن غفير، وتقول عنه “ذهب بعيداً عندما قال هذا الأسبوع بأن كبار أذرع الأمن يقودون عصياناً ضد الحكومة”.
ها آرتس تدعو الإسرائيليين إلى الخوف، ولكن ماذا عن الجهة المقابلة؟
ـ ماذا عن حزب الله؟
لبنانيون يقولون:
ـ في حرب تموز 2006 استقبل لبنان، كل لبنان الفارين من مناطق الحرب في الجنوب.. هل تتسع بيوت اللبنانيين اليوم كما استعت بالأمس؟
يضيفون:
ـ لا.. لن نصفّق للحرب.. للمزيد من الخراب.