على ريشي سوناك أن يغيّر لون بشرته ليحمي قيم الانكليز
في تركيا يخوض كمال كليتشدار الانتخابات الرئاسية المقبلة بوعد لناخبيه “سنطرد اللاجئين من أراضينا”، وفي لبنان يرفعون اليافطات “ممنوع تجوّل السوريين مابعد الساعة الثامنة مساء”، ثم يعقدون مؤتمرات حزبية ونقابية للتحريض على النزوح السوري دون نسيان توصيف النازحين بـ “المضادين لقيم الجمهورية”، و “الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديمغرافي” وهاهي بريطانيا (العظمى) وعلى لسان وزيرة خارجيتها سويلا بريفرمان تنعت اللاجئين بـ “الذين يحملون قيماً مضادة لقيم بلادنا”، و “الحاملين لمستويات عالية من الاجرام”، ثم تؤكد أن بلادها ستمنع وصول اللاجئين القادمين في قوارب تعبر القنال الانكليزي من فرنسا، ويأتي هذا بعد أن نجحت حكومة بلادها في إقرار قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، عبر التصويت في البرلمان الذي يسيطر عليه حزب المحافظين الذي تنتمي إليه، وهو قانون يحاول تجاوز القوانين الأوروبية لحقوق الإنسان، والذي سيمنع على اللاجئين الوافدين التقدم إلى المحاكم للدفاع عن قضايا اللجوء.
ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا القادم من أصول هندية بنجامية، سينضم إلى وزيرة خارجيته، كما لو أن أصوله تعود إلى شعب الأنجل الجرمانية أجداد انكليز اليوم، وفي الوقت الذي بدأت فيه الحكومة البريطانية عملية إنقاذ لرعاياها في السودان، وتحدث وزير دفاعها بن والاس عن أزمة إنسانية كبرى قادمة، رفض رئيس الحكومة ريشي سوناك الجواب على سؤال إن كان القانون الآنف الذكر سيطرد الأطفال الهاربين من أزمة إنسانية إذا وصلوا إلى البلاد على قوارب من فرنسا.
في لبنان يحيلون مصائبهم للجوء السوري، فيتلاقى الكتائبي مع القوّاتي مع العوني مع حزب الله مع نبيه بري على رمي اللاجئين والنازحين وبكل صفة يجملها السوري بالبحر، وسمعنا هذا من جنرال متقاعد يحلو له أن ينعت بـ “الخبير الاستراتيجي”، وفي تركيا باتت اهزوجة ترحيل اللاجئين هي الصوت الأقوى في الصندوق الانتخابي وتهييج المشاعر العنصرية ويلتقي على هذا كليشدار اوغلو مع زعيمة حزب «الجيد» بل إن رئيس حزب «النصر» أوزميت أوزداغ، ليس له برنامج انتخابي غير إعلان كراهية اللاجئين.
يوم وقع 2011 على ماوقع استثمرت مجموعة من القوى اللبنانية المسماة “استقلالية” باللاجئين باعتبارهم القوّة المرشحة لمواجهة بشار الأسد في سوريا وباعتبارهم قوّة معارضة، وفي لبنان، كانت بنادق حزب الله تتحالف مع بنادق بشار الأسد في تدمير المدن ومطاردة ناسها ما تسبب باللجوء، أما في تركيا فطالما لعبت حكومة أردوغان باللجوء السوري باعتباره فخّاً لبشار الأسد، وقوّة احتياطية في صراع أردوغان مع الأسد، وفي الحالين كان اللاجئ استثماراً، واليوم، كفّ الاستثمار عن أن يحقق ربحاً فتحوّل اللاجئ إلى أداة انتخابية، لتكون “الكراهية” هي أداة التهييج والتحريض.
أوروبا التي استثمرت في أفريقيا، حتى لم تدع للأفارقة سوى الاحتقانات واليأس ما بعد نهب مواردهم، تحكي عن “صراع القيم”، كما لو أن القيم الأوربية “الكولونيالية” لم تتسبب بالمجاعات والفقر والإذلال ومن ثم الحروب ومن بعدها ومن نتائجها مهاجرو الزوارق، ثم يعلو في خطاب ساستها “صراع القيم”.
ـ قيم ماذا؟
قيم الاحتلالات الاقتصادية التي لاتعني سوى إعاقة قيم العدالة وإطلاق قيم الكهوف.
وها نحن اليوم بمواجهة حرباً عالمية ابتدأت بالكلام عن:
ـ مقاومة الإرهاب وتنتهي بـ “الحرب على المهاجرين”.
ستكون الأيام المقبلة حبلى بـ “التمييز العنصري” وبـ “خطاب الكراهية”.
ومعه قد يشتغل السيد ريشي سوناك على تغيير لون بشرته حتى يروق للانكليز.