إذا ماحدثت التسوية السياسية في سوريا.. ماحال الحرس الثوري
مرصد مينا
أي كان الطريق الذي ستسلكه السياسات الدولية، والاشتغال على حلول للمسألة السورية، سيبقى السؤال العالق:
ـ ماهو حال الأذرع العسكرية الإيرانية في سوريا؟
نقول الأذرع الإيرانية ونعني هنا، تلك التابعة للحرس الثوري، وهي تتوزع على مجموعة من المسارات تبدأ بالجماعات العراقية الشيعية فقد بدأت إيران بخلق كيانات عراقية ذات توجه طائفي شيعي في سوريا؛ فأنشأت لواء أبو الفضل العباس، في أكتوبر/تشرين الأول 2012، وقامت تحديدًا ثلاث مجموعات عراقية بتجنيد عناصر لواء أبو الفضل العباس، هي: جماعة “اليوم الموعود” التابعة لمقتدى الصدر، وعصائب أهل الحق بقيادة الشيخ قيس الخزعلي، و”كتائب حزب الله” العراقي بقيادة “واثق البطاط” زعيم جماعة جيش المختار والأمين العام لكتائب حزب الله العراقي والذي يعترف رسميًّا بولاية الفقيه لعلي خامنئي.
في البداية تركزت مهام لواء أبو الفضل العباس على حماية “مرقد السيدة زينب” في دمشق ومن ثم عملت طهران على نشر قوات هذا اللواء في حلب واللاذقية ودرعا. وبلغ عدد مقاتليه في سوريا أكثر من 10 آلاف مقاتل، بعد ذلك، وفي أواخر 2012 وبداية 2013، تدفقت الفصائل العراقية بكثافة إلى سوريا، وشملت هذه الفصائل كلًّا من: “حركة النجباء، عصائب أهل الحق وفرعها “كتائب حيدر الكرار”. وتنتشر هذه الجماعات في دمشق وريفها وفي البوكمال.
وإذا تابعنا فثمة حزب الله العراقي: شارك مقاتلوه بشكل خاص في الاستيلاء على حلب، في 2015، ودير الزور في 2018. وبلغ عدد مقاتليه في سوريا حوالي 2500 مقاتل. تتبنى كتائب حزب الله، مثلها مثل حزب الله اللبناني، عقيدة “ولاية الفقيه” وتدين بالولاء للمرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، ومن بعد :سرايا طليعة الخراساني، وهي الجناح المسلح لحزب الطليعة الإسلامي ومنظمة بدر: يقودها هادي العامري،وبطبيعة الحال يمكن اضافة عشرات الفصائل التابعة للحرس الثوري ومن بينها “قوات الرضا” و”الغالبون” و “لواء الإمام الباقر”، هذا وسيضاف تجنيد الشيعة غير العرب مامهّد لظهور فصائل شيعية غير عربية مثل لوائي “فاطميون وزينبيون”.
وهنا سيتجدد السؤال:
ـ ما مستقبل هذه القوات إذا ماحدثت التسوية في سوريا؟
الاجابة يمكن استقراؤها من خلال توزع هذه القوات على الأراضي السورية؛ حيث يظهر التوزع الكثيف والمتنوع لهذه الجماعات في شرق سوريا، لاسيما أن دير الزور وريفها ومدن البوكمال والميادين وفي السيطرة الكاملة على دير الزور توفر لإيران جسرًا بريًّا يصل إيران بسوريا عبر العراق وهي امتداد جيوسياسي للجماعات الإيرانية الموجودة في كل من العراق وسوريا، وتوفر كذلك خطًّا بريًّا قليل التكلفة لنقل الأسلحة إلى حزب الله. ودير الزور مفتاح خطوط السكك الحديدية (من الشلامجة في إيران مرورًا بالبصرة والقائم ومن ثم البوكمال وانتهاءً بميناء اللاذقية) التي تطمح إيران من خلالها للوصول إلى البحر المتوسط بعد تعطيل الطريق البري الذي كان يمر عبر الحسكة والطريق الذي يمر عبر التنف بسبب وجود القوات الأميركية. وهي توفر السيطرة على آبار النفط وأهمها حقل العمر، وذلك لتخفيف الاعتماد السوري على النفط الإيراني.
هذا يعني فيما يعنيه أن الحرس الثوري بأذرعه في سوريا يعني وضع نظام الملالي في الميزان، كما أن تخلي الملالي عن قوّاتها هذه يعني قطع الشريان الحيوي عن “الولي الفقيه”، وهو شريان يمده بالحياة ولابد يعني العزل الاستراتيجي لهذا النظام، فكيف يمكن أن نتصور أن إيران ستتخلى عن مداها الحيوي هذا؟
ومن ثم:
ـ من بوسعه أن يفرض على إيران مثل هذا التخلي لتستعيد سوريا سيادتها على قرارها وأراضيها؟