من دولة “الحفرة” إلى دول “الفقاعة”
نبيل الملحم
ـ لا الأدالبة يقبلون بالنظام، ولا النظام يقبل بإدلب مع سكانها، يقبلها ويرحّب بها فارغة وبلا سكّان.
ـ لا شمال شرق سوريا يقبل بالنظام، ولا يعوز النظام حمل إضافي بانضمام كارهيه إلى سلطته.
ـ لا السويداء في جديدها تقبل النظام، ولا النظام يقبل بسويداء على هذا النحو من رفضه وكراهيته.
ـ لا الحوارنة يختلفون عن جارتهم السويداء، ولا السويداء تختلف عن جارتها حوران، وكلا الجارتين تبحثان عن طرد النظام من مؤسساتهما وأرضهما.
والأهم:
ـ لا النظام قادر على إفراغ سوريا من السكان ليحكم أرض خالية من السكان، ولا أرض مسكونة تقبل بالنظام طوعاً، ولو احتكمنا إلى مزاج العاصمة لما اختلفت عن الأطراف، وكذلك حلب، والهراوة لا تحمي سلطة من غضب التاريخ، غير انها تسمح لسلطة ما، سرقة قطعة من التاريخ.
واليوم، سيكون سؤال الغد:
ـ ما الذي ومن تبقّى للنظام؟
كل ما تبقّى لديه تحالف الثكنة مع الميليشيا، والبائع مع المحتل، فلولا قوّة حليفه حزب الله لما بات في القصر، ولولا حليفه الروسي، لما نجى من دستة قرارات وضعت على مائدة مجلس الامن ليلتهمها الروسي.
وبالنتيجة:
ـ النظام في الأسر.. والبلد مخطوفة للـ “لاخيارات”، وهذه اللاخيارت تفتح سوريا على مشاريع إذا لم تقد للتمزق القانوني فلابد وتقود للتمزق الواقعي، وهو التمزق الذي نعرف كيف يبدأ ولا نعرف إلى أين سينتهي، وهي نتيجة يقودها هذا الاستعصاء الفظيع، استعصاء معادلته:
ـ النظام عجز عن إبادة الناس، والناس عجزوا عن اقتلاع النظام.
وبين طرفي هذه المعادلة، معادلة الاستعصاء، تضيع بلاد كان لها أن تكون بلاد البروكار وقمر الدين، وما من حلّ للاستعصاء سوى وقفة دولية واسعة ومتضامنة، توقف المائل وتنقذ من ركاكة هذه الخيارات، وذلك عبر:
ـ مواجهة إيران باقتلاعها، من سوريا، وهو الطريق الذي لابد ويقود إلى اقتلاع ملالي طهران من طهران كما اقتلاع حزب الله من لبنان، ما يعني اقتلاع مشروع كاد أن يمتلك القنبلة النووية، ويشكل المحور الأكثر قساوة في مواجهة الامريكان، أقلّه عبر امتداده في العراق، و:
ـ ليس للأمريكان اليوم الانتقال من معاركهم الرئيسية التي تعني مواجهة الصين والروس، إلى مواجهة ثانوية، فمصير سوريا، لا يملاً “دابو البنزين” للكاديلاك الامريكية، ولا يدخل في قائمة “طبق الأولويات”.
إلى أين ستمضي البلد في هكذا حال؟
ـ إلى الخراب.
تلك منتجات دولة الطغيان، دولة “الحفرة” هو انتقال الناس إلى الطائفة، للعشيرة، للعصابة، للكرخانة ، أوّل تجلياتها البحث عن فقاعة آمنة.. وهم أمان.. وهكذا فالفقاعة تُعمَّر من طين دولة الطاغية.
هي الانتقال البشع من الزنزانة إلى الفقاعة.
ضحايا الزنزانة فيها، يتحوّلون إلى ضحية للفقاعة.
وبما تبقّى:
هل الحلّ السياسي ممكن أو قابل للإمكان؟
ـ حتماً لا، فالحلّ السياسي لا يعني بجوهره سوى أن “ياكل النظام نفسه” بدل أن ياكله الناس، وبفعل التجربة والتراكم وطبيعه النظام، بل طبيعة الطغمة الضيّقة من النظام، تقودها لأن تُفضّل:
ـ تفضل أن تأكل نفسها.
وهنا سنعود إلى الطين والعمارة:
بئس الطين وبئس العمارة.
الطغيان لا يبني أمّة، لا يبني دولة، أمّته ودولته في طور التشظي.
ـ راجعوا التاريخ.. العراق اليوم مثالاً.