لحظة غادر وزير الدفاع الاحتفال
مرصد مينا
ستكون عملية التفجير وقد استهدفت دورة خريجي ضباط الكلية الحربية في مدينة حمص ومدنيين من أهاليهم، واحدة من سلسلة التراجيديات السورية التي لم تتوقف وربما لن تتوقف وحال البلاد على هذا النحو من استعصاء الحلول السياسية، غير أنها، ونعني عملية الاستهداف تلك، لابد وحملت الكثير من الأسئلة التي لن يُكشف عنها كما العشرات من العمليات الإرهابية التي طالت آمنين سوريين، مع حزمة من الأسئلة التي رافقتها منذ لحظاتها الأولى، ومن بين الأسئلة :
ـ كيف لوزير دفاع راع لتخريج دورة عسكرية ومن كلية لها وزنها في عداد القوى العسكرية السورية، أن يغادر منصة الاحتفال، أقلّه والبروتوكولات المعمول بها، تلزمه بالبقاء حتى المناداة على آخر اسم سيعلّق نجمة الضابط على كتفيه؟
ـ إذا كانت المسيّرة قد انطلقت من ادلب وفق رواية النظام، فكيف لها أن تقطع كل هذه المسافة دون أن تكشفها الرادارات المحيطة بمدينة حمص ومن ثم القوى الجوية المزروعة بالكلية الحربية؟
ثالث الأسئلة، ماهي المبررات التي احتكم اليها النظام بالإسراع إلى قصف مدينة ادلب، ولاستهداف الاحياء المدنية فيها فور الإعلان عن عملية المسيّرة تلك؟
كلها أسئلة تحمل الكثير من الشكّ والالتباس، وكلها أسئلة من المبكّر الإجابة عنها في عالم مزروع بالأسرار وثمارها التي تعني “القتل” والإبادة والنيل من حياة الآمنين.
أن يغادر وزير الدفاع الاحتفال ما قبل انتهاء الاحتفال مع معلومات لا يقين من صحتها تقول بأن إشارات وردته عن مسيّرة تتجه إلى المكان، فهذا سؤال يستتبع واحد من احتمالين:
ـ إما أن وزير دفاع سوريا لا يأبه ولا يقيم وزناً لجيشه وكليته الحربية، وهذا عار يلتصق بهكذا وزير وبالأوسمة التي تتأرجح على صدره، وهذا يحط من قيمة الجيش وقيمة قيادته فلو كان الاحتفال لمطرب شعبي او مطربة ساحاتها الكاباريهات، لما غادر وزير الدفاع الاحتفال إن لم يرقص بالمحرمتين متقدّماً بسمنته على الراقصين الآخرين.
ـ وإما ثمة مؤامرة بعلم وزير الدفاع فسارع إلى المغادرة والنجاة.
هذا عن وزير الدفاع، فما حال قيادة البلد، التي تعني بشار الأسد بصفتيه “رئيس الجمهورية” و “القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة”، وهما صفتان تستدعيان المساءلة:
ـ ماهي استعدادات الجيش للمواجهات الكبرى، وما هي كفاءة هذا الجيش إن حدثت تلك المواجهات وقد عجز عن مواجهة مسيّرة يدّعي أنها قادمة من أرض البلاد؟
سؤالان يستدعيان الإجابة عنهما، فإما أن قواته عاجزة عن حماية البلاد، بل والقطعة المرعية منه على أرض البلاد ونعني الكلية الحربية، وهذا يستدعي بدوره، أن يخرج الرئيس الى الشاشة ويخاطب الناس معلناً عجزه عن حماية البلاد، وهذا لم يحصل، وغالباً لن يحصل، وإن حصل فلابد أن يعيد إلى الذاكرة السورية يوميات الزلزال وقد خرج إلى الناس محتفلاً كما لو يُزَف إلى انتصار، وإما أنه متواطئ مع مرسلي المسيرة وقد يكون ارسالها مرسوم ومخطط له، فالكوارث الكبرى لابد وتتحول إلى استثمار أقله في مواجهة حركات الاعتراض السورية، وشدّ عصب حاضنته الشعبية للقول بأن المخاطر الواقعة على النظام ستكون هي المخاطر الواقعة على بيئة النظام، والاحتمالين ممكنين، فمن يعرف سياسات هكذا نظام لا يستبعد أي احتمال.
الكارثة وقعت، ونالت من شباب هم أبناء سوريا، من دم سوريا ولحمها، والأيام المقبلة ربما ستجر إلى كوراث أعظم.
والكارثة تستجلب الكارثة.