محاكمة رفعت الأسد.. سوريا تجوع

أن يطارد القانون الدولي رفعت الأسد، وأن تتكشف سرقات مالية هائلة كان قد ارتكبها نائب الرئيس السابق، وشقيق الرئيس الراحل، وعم الرئيس الحالي، فهذه خطوة طيبة خطتها تلك الهيئات القضائية التي التفتت إلى أموال الشعب السوري المنهوبة وناهبيها، غير أن رفعت الأسد، لم يكن سوى واحد من منظومة فساد.. منظومة تطال العائلة ، كل العائلة الأسدية، دون نسيان أن تلك العائلة كانت قد احتضنت عوائل أخرى، باتت تنتسب إلى عائلة الأسد بدم الفساد، وهذه المنظومة أشادت قوّتها وسطوتها على تحالف المال والاستبداد، فكانت سوريا الراهنة.. سوريا المحصلة.. سوريا النتيجة، وهي سوريا التي انتفضت في ثورة قلّ أن تعرضت لها ثورة، وقلّ أن واجهت ثورة غدرًا كما واجهته، وقلّ أن دفعت ثورة تلك الأثمان التي دفعتها، والنتيجة:

ـ بقاء النظام.

لا.. أكثر من البقاء.. انتصار النظام، وإلى مزيد من التغوّل في أرزاق الناس ولقمة عيش الناس وموارد البلاد، وهاهي سوريا اليوم تعيش تحت خط الفقر، وتحت خط الجوع، وتحت خط الامل.

محاكمة رفعت الأسد، ليست سوى محاكمة للذراع المشلول من أجنحة النظام، أما تلك الأذرع الطليقة فما تزال تعبث في البلاد وتنتج مع كل يوم مزيدًا من الفساد، حتى بات الفساد شريعتها، وسمتها، والكل يعلم أن مال سوريا خارج سوريا، وهو المال المهرّب على شكل عقارات واستثمارات وأرصدة مصرفية، والهيئات القضائية الدولية تكف النظر، إن لم تكن تتواطأ، وليس من الصعب التعرف على حجم النهب أقلّه بالمقارنة مع حجم الجوع.

في واقع الحال، لن يضير المؤسسات المالية الدولية فساد أنظمة العالم الثالث، فهو فساد يعني إثراء المؤسسات الدولية، وهو فساد يصب في النهاية في مصالح دول، فاللصوص يسرقون بلادهم لحساب بلاد أخرى، تخبئ المال اليوم لتصادره وتستولي عليه في الغد، بما يجعلها صناديق لتلك الأموال، صناديق تفتح وقت اللزوم وحين يحين الوقت، وليس مال سوريا المنهوب سوى جزء من هذا المال.. مال عالم ثالث يعوم على الثروة ويغرق بالفقر، وتلك مسألة باتت تتصل بشكل النظام الدولي، والعلاقات الدولية، بما يجعل العالم منقسمًا إلى عالمين:

ـ عالم منهوب، وعالم ناهب.

أما المنهوب فمنهوب بأيدي أبنائه، وأما الناهب فليس بحاجة لبذل أي ابتكار أو جهد أو إعمال عقل في ممارسة النهب، فالناهبون يقومون بالمهمة.

محاكمة رفعت الأسد، خطوة طيبة، تمحوها التغطية الدولية على ما تبقى من الناهبين.

ـ ناهبون في آلة السلطة، وناهبون خرجوا منها.

وفي كل الحالات :

ـ سوريا تجوع.