“رايتس ووتش” تطالب ليبيا بتسليم سيف القذافي للجنائية الدولية وتتهم سلطاتها بعرقلة العدالة

مرصد مينا

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات الليبية بتوقيف وتسليم سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدة أن الإفلات من العقاب ما زال سائداً في ليبيا، وسط انهيار منظومة العدالة واستمرار الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.

وفي تقرير مفصل أصدرته المنظمة الدولية أمس الاثنين، بعنوان “ظلم متأصل: ضرورة الإصلاح الشامل للعدالة في ليبيا”، اتهمت النظام القضائي الليبي بـ”العجز وعدم الرغبة في ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة”، مشيرة إلى أن سيف الإسلام، إلى جانب القيادي الأمني السابق أسامة نجيم، ما يزالان مطلوبين لدى المحكمة الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقالت “رايتس ووتش” إن السلطات الليبية أدارت ظهرها للعدالة، وإنه يتوجب عليها “التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتسليم كل الأشخاص الخاضعين لمذكرات توقيف، وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي”.

وأضافت أن إفلات المتهمين من المحاسبة “يعكس عمق الخلل المؤسسي والهيكلي في الجهاز القضائي الليبي”، الذي وصفته بـ”المتشرذم”، مؤكدة أن هناك انتهاكات منهجية للإجراءات القانونية، وأن القوانين المحلية “بالية وقمعية ولا تتماشى مع المعايير الدولية”.

وبينما أثار التقرير انتقادات داخلية، أكد عدد من المدافعين عن سيف الإسلام القذافي أن ليبيا ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، وبالتالي فهي “غير ملزم” بتسليمه، واتهموا المحكمة الدولية بـ”الانتقائية والتغاضي عن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين”، متهمين إياها بـ”الانحياز السياسي”.

وكان سيف الإسلام القذافي قد عاد إلى واجهة المشهد السياسي في ليبيا بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية أواخر عام 2021، وما زالت مذكرة توقيف صادرة بحقه عن المحكمة الدولية سارية، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم ضد المدنيين أثناء أحداث “ثورة 17 فبراير” عام 2011.

في السياق ذاته، تطرّق التقرير إلى حالة أسامة نجيم، رئيس جهاز الشرطة القضائية السابق، الذي تمّت إقالته في مايو الماضي بقرار من رئيس حكومة “الوحدة” المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ضمن حملة استهدفت تفكيك الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس.

وكانت السلطات الإيطالية قد أوقفت نجيم في مدينة تورينو بناءً على مذكرة توقيف من “الجنائية الدولية”، لكن تم إطلاق سراحه لاحقاً بعد تدخل من الحكومة الليبية، وفق ما ذكره التقرير.

ودعت المنظمة إلى ضرورة معالجة التشوهات الهيكلية في النظام القضائي الليبي، وإجراء إصلاحات عاجلة وشاملة في البنية القانونية والمؤسساتية، لضمان محاسبة مرتكبي الجرائم، ووقف الانتهاكات المستمرة التي تشهدها البلاد.

وأكدت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، أن تجاهل هذه القضايا “يسمح بانهيار العدالة، ويعزز الإفلات من العقاب”، مشيرة إلى أن الاشتباكات الأخيرة بين الميليشيات المسلحة في طرابلس، واكتشاف مقبرة جماعية جديدة، “يجب أن يشكّلا جرس إنذار للسلطات الليبية والمجتمع الدولي”.

وكانت سلطات طرابلس قد أعلنت مؤخراً العثور على 53 جثة مجهولة الهوية في مشرحة مستشفى، إضافة إلى مقبرة جماعية تضم ما لا يقل عن 9 جثث في مقر تابع للقيادي الميليشياوي القتيل عبد الغني الككلي، في واحدة من أكثر الوقائع صدمة في البلاد.

من جهته، اعتبر خالد الغويل، مستشار “اتحاد القبائل الليبية” للعلاقات الخارجية، أن المحكمة الدولية “تكيل بمكيالين”، قائلاً إن تقارير مثل هذه “لا تعبر إلا عن نفسها”، مؤكداً أن “القضاء الليبي وحده المخول بمحاكمة المواطنين الليبيين”.

وفي 12 مايو الماضي، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن حكومة طرابلس وافقت على اختصاص المحكمة بموجب المادة 12 (3) من نظام روما الأساسي، التي تتيح للدول غير الأطراف القبول الطوعي لاختصاص المحكمة، بشأن الجرائم المرتكبة على أراضيها بين عامي 2011 و2027.

وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بالقول إن إصدار مذكرات توقيف علنية بحق شخصيات ليبية هو “خطوة كبرى” نحو إنهاء الإفلات من العقاب، داعياً الدول إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن 1970 الصادر في 2011، والذي أحال الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى