fbpx

إيران.. بين حظوظ الوساطة ورهان التنازلات

تستمر زيارة المستشار الرئاسي الفرنسي “إيمانويل بون”إلى طهران، في إطار سعي من باريس لمحاولة تهدئة الأزمة الحالية بين واشنطن وطهران، إذ يرى الفرنسيون أن المرحلة الحالية حرجة للغاية، مما يبرر إصرارهم على اتخاذ تدابير وقائية سريعة قبل 15 تموز الحالي، موعد اجتماع وزراء خارجية الدول الموقعة على الاتفاق باستثناء واشنطن، مع وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف”.

ويرى محللون أن هذا الاجتماع سيكون مفصليا في الأزمة النووية الإيرانية؛ وخصوصا أنه يأتي بعد خمسة أيام من اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبحث ملف إيران النووي، بطلب من واشنطن. يحدو باريسَ الأملُ في أن تنجح في ردم الهوة التي تعمقت مؤخرا بين واشنطن وطهران، ونقلت مصادر عن القصر الرئاسي الفرنسي أن “إيمانويل ماكرون” كثف اتصالاته في الأيام الأربعة الماضية مع نظيره الإيراني “حسن روحاني”، مما يعني أن هامشا من المناورة تلعب عليه فرنسا.

ومما حدا بالرئيس الفرنسي إرسال كبير مستشاريه الدبلوماسيين مرتين متتاليتين إلى طهران حاملا معه مقترحات عملية، كما علل ذلك في بيان من قصر الإليزيه بـ: “إيجاد عناصر تسهم في التخفيف من حدة التوتر، مع خطوات يجب أن تُتخذ فوراً قبل 15 تموز”، وما تريده باريس هو تسهيل هذه العملية؛ إذ هناك رغبة في التفاوض من الجانبين الأمريكي والإيراني. إن لدى الأوساط الأوروبية قناعة أن إيران تريد وساطتها لإزالة العقوبات، أو تخفيفها عنها، فوفق هذه المصادر: “ليس في وضع يمكّنه من إطلاق الإنذارات؛ لأنه هو من يحتاج إلى الأوروبيين، لا العكس”، وفرنسا تبرز الآن كأفضل من يقوم بهذا الدور؛ فالزعيمتان الأوروبيتان رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا ماي”، والمستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” ليستا في وضع يسمح لهما بالتوسط. فالأولى ستغادر 10 داونينغ ستريت في الأيام القادمة، متأملة خلفا لها من حزبها، واشتباكها مع “ترمب” على خلفية تسريب معلومات أثناء تراسلات مع السفير البريطاني في واشنطن، فورد في ترجمة أعدها مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن صحيفة ديلي ميل البريطانية نقلا عن تغريدة لترامب”: “أنا لا أعرف السفير، لكنه غير مرغوب به داخل الولايات المتحدة؛ لن نتعامل معه بعد الآن”، والأخرى غارقة في مشاكلها السياسية الداخلية محاولة إنقاذها تحالفها المهدد من قبل الاشتراكيين الديمقراطيين، كما أن علاقتها بترامب سيئة.

كما رحب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية “عباس موسوي” بدور فرنسا في تخفيف التوتر وتنفيذ الاتفاق، قائلاً: “إنّ الفرنسيين جزء من جهود إبقاء الاتفاق النووي على قيد الحياة”. وتأتي زيارة “بون” الجديدة إلى طهران بعد اتصال هاتفي أجراه الرئيس الفرنسي، ليلة السبت الماضي، عشية انتهاء مهلة الـ60 يوماً، بنظيره الإيراني “حسن روحاني”، ووصفه مساعد الشؤون السياسية للخارجية الإيرانية “عباس عراقجي”، الأحد الماضي، بأنه كان بنّاء، وأنّ الرئيسين أجريا “مباحثات جيدة”. كما تتزامن زيارة مستشار “ماكرون” على بدء إيران تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، اعتباراً من الأحد الماضي، والتي بموجبها تخطت عتبة الـ3.67 في تخصيب اليورانيوم، وهو الحد المسموح به في الاتفاق النووي، لتعلن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، الاثنين، أنّ إيران تجاوزت العتبة لتوصل النسبة إلى 4.5% فعلاً.

يذكر أن إيران هددت الاثنين الماضي بإعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتوقفة عن العمل، ورفع نسبة تخصيب نقاء اليورانيوم ليصل إلى 20%، مقلصة بهذا التزاماتها بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن العام الماضي، رادة بذلك على قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من هذا الاتفاق من طرف واحد. وعلى أية حال فإن الرسالة الأوروبية إلى إيران تفيد بأن الأخيرة على مسار خاطئ، وأنها ستفقد الدعم الأوروبي السياسي والدبلوماسي إن هي استمرت في ذلك، والمطلوب منها مراجعة موقفها والاستجابة للمقترحات الفرنسية؛ وإلا فإن باب العقوبات الأوربية الذي أوصد قريبا لا تزال إمكانية فتحه كبيرة، مما يعني إن حدث- أن طهران ربما ترجع خمس سنين إلى الوراء.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى