fbpx

محطة كهرباء "زيزون".. "التركستاني" يبيع و"الشبيحة" يشترون، و"النصرة" ترحّب.

لازالت غالبية مدن وبلدات الشمال السوري الواقع تحت سيطرة المعارضة، محرومة من الكهرباء التي غابت عنها منذ العام 2015 بسبب خروج محطة كهرباء زيزون غرب حماة عن الخدمة بالمطلق، أثر المعارك التي دارات في صيف ذلك العام بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى والتي افضت الى انسحاب الأخير وسيطرة قوات المعارضة على منطقة سادها الدمار والتخريب الذي طال معظم البنى التحتية إضافة إلى 80% من منازل المدنيين في المنطقة ذاتها. منذ يونيو 2015 وحتى تاريخ اعداد هذا التقرير، مازال  اكثر من 2.5 مليون نسمة في الشمال السوري، يعانون من غياب الكهرباء وتبعاتها حيث تحوّل السكان الى الاستعاضة عن الكهرباء  بطرق بديلة يحصلون من خلالها على الطاقة الكهربائية وهي طاقة لاتعادل في  قوتها مقدار ما يستهلكه معمل صغير كان يتغذى على كهرباء محطة زيزون،  فما القوة التي كانت تشكلها تلك المحطة واي المناطق كانت مستفيدة وماذا حل بها بعد انسحاب النظام منها وهل بالإمكان إعادة استعمالها؟

  • زيزون وقد كانت حلاً:

يعود تاريخ انشاء محطة كهرباء زيزون الى العام 1995 بقرار من حكومة النظام التي كان يترأسها المهندس الراحل محمود الزعبي لتدخل المحطة في الانتاج الفعلي عام 1998  حيث أنشئت كضرورة ملحة  سيما انها  كانت تضخ طاقتها الكهربائية المولدة الى الشبكة العامة لكهرباء سوريا عموماً، ولكنها وبشكل اساسي كان لها دور هام جدا برفع توتر الشبكة في محافظتي ادلب واللاذقية اللتان لا يوجد فيهما اي محطة توليد للطاقة الكهربائية، ونظرا لطول شبكات التغذية وطبيعة جغرافية المحافظتين الجبلية وكترة التجمعات السكانية المبعثرة ، قليلة السكان، فقد كانت شبكات الكهرباء الممتدة إلى هذه المناطق تعاني من نسب هدر عالية،  بسبب بعد مراكز التوليد الرئيسية .فكان لإقامة محطة توليد زيزون دورا هاما في رفع توتر الشبكة في المحافظتين السابقتين،  الى قيم انتاج مقبولة حسب ما يفيدنا المهندس جمال الصطوف عضو مجلس ادارة الشركة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية في زيزون وهو مدير التخطيط والتدريب في هذه الشركة وقد شغل هذا الموقع لما يزيد عن خمسة عشر عاما.

  • التكلفة وقد قاربت 500 يورو

يتابع المهندس جمال الصطوف بان محطة توليد زيزون محطة توليد بدارة مركبة غازية -بخارية وقد تم انشاؤها على مرحلتين ..المرحلة الاولى المرحلة الغازية وهي عبارة عن ثلاث مجموعات، استطاعة كل مجموعة الاسمية 135 ميغاواط ..والاستطاعة الفعلية لكل مجموعة 125 ميغاواط والاستطاعة المتاحة ( 100– 110) ميغاواط . وكانت بتكلفة تقريبية حوالي 250مليون يورو. تم التعاقد مع شركة فيات أفيو الايطالية على انشائها وتركيبها. والمرحلة الثانية ..بناء مجموعة بخارية مربوطة الى المجموعات الغازية عبر ثلاث مراجل بخارية مرجل لكل غازية، والمراجل الى عنفة بخارية واحدة استطاعتها الاسمية 175 ميغاواط واستطاعتها الفعلية 150 ميغاواط، واستطاعتها المتاحة تبعا لعمل المجموعات الغازية وعمل المراجل البخارية وحيت انها لا تقل ابدا عن 125ميغاواط في حال عملت الغازيات الثلاث بطاقتها المتاحة والمراجل الثلاث ايضا بطاقتها المتاحة، وكانت كلفة المرحلة الثانية ما يقارب 300 مليون يورو. وتم تنفيذها عبر عقد مع شركتين المانيتين سيمنس وشركة كوخ وعليه تكون الكلفة التقريبية لإنشاء المحطة كاملة بالدارة المركبة ما يزيد عن 550 يورو.  باستطاعة فعلية اجمالية تزيد عن الـ 500 واط.

  • وكان السؤال اللاحق:

ـ من المسؤول عن تعطيل محطة كهرباء زيزون واخراجها عن الخدمة من الذي اشترى محتوياتها؟ شهدت محافظة ادلب قبل العام 2011 وفرة كبيرة بالكهرباء إضافة لأجزاء من محافظتي حماة واللاذقية الا ان تلك النعمة الملحوظة لم تستدم فعليا اكثر من 12 عام حيث اشتعل ملف النزاع في سوريا في اذار 2011 وباتت منشآت الحكومة في كثير من المناطق عرضة للسرقة والتخريب،  حيث كان ما يسمى بالجيش الشعبي، هو المسؤول عن حماية المحطة، بدءاً من سكن موظفيها، وهو جيش لا يمتلك أسلحة ثقيلة، ولا يعدو في حقيقة تسليحة ما يزيد عن تسليح شرطة المدن. تعرضت محطة كهرباء زيزون للهجوم الأول في شتاء العام 2012 من قبل احد مكونات فصائل المعارضة والذي كان يسمى الفرقة 101 مشاة بقيادة المدعو مصطفى قنطار حيث دارت اشتباكات عنيفة بين المهاجمين وعناصر الجيش الشعبي افضت الى دخول المهاجمين للمحطة والسيطرة على أسلحة وذخائر دون أي تعرض للممتلكات العامة،  وعلى اثر العملية السابقة زجت قوات النظام ب3 كتائب من الفرقة العاشرة في ذات العام ضمن البناء العام للمحطة لتبدأ معها سلسلة هجومات بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام من جهة أخرى وفي العام 2014 ونتيجة وقوع المحطة ضمن ناحية (الزيارة) أي على خط التماس الفاصل بين القرى ذات الأغلبية  العلوية والقرى ذات الأغلبية السنية التي كانت معظمها خارج سيطرة النظام خصصت قوات النظام انتاج الكهرباء للقرى والبلدات الواقعة تحت سيطرتها فقط لتغرق القرى والبلدات المعارضة بظلام دامس ما دفع بعض العسكرين في الفصائل المسلحة الى تفجير أبراج توتر حاملة لأكبال كهربائية مما اضطر قوات النظام لإعادة التيار الى قرى وبلدات المعارضة حسب ما أورد القيادي في احرار الشام ناظم العلي.

  • بين نارين:

وفي ربيع العام 2015 شنت فصائل المعارضة هجوماً على القوات النظامية المتمركزة في ادلب نتج عنه انسحاب الأخير من مدينة ادلب لتتابع المعارضة هجومها باتجاه مناطق كتلك القوات في المسطومة واريحا ومحبل حيث وصلت المعارك الى محطة كهرباء زيزون في تموز / يونيو 2015 لتتعرض المحطة اثناءها لقصف مدفعي عنيف من فصائل المعارضة اخرجها عن الخدمة لمدة 3 أيام قبل ان تستطيع قوات النظام استرجاعها وإعادة تشغيلها لتعود بعد حوالي 10 أيام فصائل جيش الفتح بالإضافة الى التركستان لتفتتح عمل عسكري على المحطة وتستحوذ عليها حيث دخلت الفصائل في هذه الأثناء المحطة ولا تزال الكهرباء فيها تعمل وتغذي الكثير من المناطق، ونتيجة القصف المتبادل بين طرفي النزاع لا سيما الطيران الحربي الذي طال مراكز حساسة في المحطة تعطلت الأخيرة عن توليد الكهرباء ودمر فيها الطيران خزانات الفيول وبرج التبريد وبعض العنفات الفرعية المسؤولة عن تدوير الغاز لتتحول المحطة على اثرها في سبتمبر / أيلول 2015 الى منشاة خارجة عن الخدمة متوفر فيها كل مقومات إعادة التشغيل،  وفي تشرين الأول من العام ذاته اعلن “الحزب الإسلامي التركستاني” ان محطة كهرباء زيزون صارت من غنائم الحرب خاصته وانها ضمن مناطق سيطرته بعد إقرار “حركة احرار الشام” بذلك واستحواذها هي الأخرى على ناحية قلعة المضيق بما فيها من ثروات ومنتجات ومنشئات حكومية.

  • “التركستاني” يبيع والشبيحة يشترون:

بعد سيطرته على ناحية الزيارة ومن ضمنها محطة كهرباء زيزون شرع الحزب الإسلامي التركستاني ببيع اثاث بيوت الموظفين الذين كانوا يقطنون بأبنية اعدت لهم ضمن بناء المحطة فبدا الحزب التركستاني ببيع عفش البيوت إضافة لأجهزة كهربائية خفيفة مما شجع نظام الأسد بإرسال تجار يشترون له مقتنيات المحطة حيث حضر في كانون الثاني 2016 عدد من التجار الحلبية وجلسوا مع “التركستاني” في مبنى قيادتهم في جسر الشغور وطرحوا عليهم موضوع شراء كل ما تحويه محطة كهرباء زيزون من أجهزة ونظم والات بأسعار جيدة بالنسبة للحزب الا ان أسعار تلك الأجهزة تبلغ 20 ضعف من السعر الذي طرحه التجار على التركستان الذين وافقوا بدورهم على البيع لا سيما انهم من خارج البلاد ولا يهمهم مستقبلها او مستقبل السكان في الشمال السوري،  وفي تاريخ 25/1/2016 دخلت اول ورشة عمال استأجرهم الحزب التركستاني وشرعوا بفك بعض القطع الصغيرة من المحطة إضافة للأكبال النحاسية وبعد 5 أيام من العام ذاته حضر عدد من التجار الحلبية الى المحطة وأشاروا على القطع الذين يودون شراءها تحديدا ليعيث الفساد بمحطة كهرباء زيزون وتصبح حلم بإعادة استثمارها حيث عمد التجار الى نقل المحتويات من محطة كهرباء زيزون ومن ثم الى الاتارب بريف حلب ليتم دخولها تباعا الى مدينة حلب وتعود الى محافظة حماة ومن ثم الى مناطق التجميع. لم يرضى أهالي المنطقة بما حدث فشكلوا وفدا لمقابلة قيادة “احرار الشام” في اذار من العام 2016 لمطالبة احرار الشام بوضع يدها على المحطة والمحافظة عليها وما كان رد قيادة “احرار الشام” وتحديدا على لسان ابي يحيى قائد الحركة اثناءها هو :”اننا لا نريد فتح جبهة قتال مع التركستان”، وتابع :” إما أن ندعهم يبيعون المحطة او نحاربهم والأفضل تركهم”، ومن خلال الجواب العلني لقيادة “احرار الشام” تيقن أهالي المنطقة ان لحركة احرار الشام نصيب وفير من عملية البيع كما للهيئة أيضا نصيب حيث اختصت عناصر هيئة تحرير الشام بفك الاكبال النحاسية الممدودة في المحطة وخارجها وباعتها بأسعار جيدة اذ بلغ سهر كيلو النحاس وقتها 3$  ومع مرور الوقت عكف التجار الحلبية عن شراء المسروقات من التركستان لا سيما انهم اكتفوا بالأجهزة الهامة التي يريدها النظام، الامر الذي دفع التركستان الى فتح سوق مبيعات ( حديد – نحاس – محركات كهربائية – أبواب – شبابيك – خزانات -……الخ ) ضمن بناء المحطة لتجار محليين بأسعار بخسة وعلى مدى حوالي العامين الماضيين تغيرت بنية المحطة الى حوالي 60 درجة تحت الصفر من السوء والعبث والخراب بايد العسكر الأجانب الذين وجدوا بمحطة كهرباء زيزون خير غنيمة.

  • لماذا باع التركستان المحطة ؟

لم يكن للتركستان أي وجود فصائلي عند دخولهم لسوريا في عام 2014 انما كانوا عبارة عن شتات منتشر ضمن الفصائل لا سيما جبهة النصرة وجند الأقصى في حينها الا ان جبهة النصرة في أواخر العام 2014 وجهت التركستان بشكل فعلي للتجمع ضمن كتيبة  يكون مقرها شمال منطقة جسر الشغور ومع انطلاق معارك ادلب بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام من جهة أخرى في ربيع العام 2015 اعتمدت جبهة النصرة على كتيبة التركستان فاستخدمت بعضهم كاقتحامين والبعض الاخر كانتحارين ومع تقدم فصائل المعارضة الى منطقة سهل الغاب غرب حماة في صيف العام ذاته تركت جبهة النصرة للتركستان ناحية الزيارة كغنائم حرب حيث عمد التركستان الى انشاء محاكم في جسر الشغور واعتقال السكان السوريين لا سيما كل من يعارض سياسة التركستان في مباركة حقيقية من جبهة النصرة التي كانت تشكل الاطار العام للتركستان،  ومع اشتداد شوكة التركستان كان لا بد لهم من مصدر تمويل يغذيهم لشراء السلاح الثقيل وتشكيل كانتونهم الضيق ومن هنا وجد التركستان في بيع مقتنيات محطة كهرباء زيزون خير داعم لهم اذ استقرت عوائلهم في القرى والبلدات التي كان يقطنها مسيحيون بمنطقة جسر الشغور يتوفر لتلك العوائل ما لذ وطاب من كماليات الحياة حسب القيادي في الجيش الحر راشد العلاوي الذي قال ان التركستان اليوم يشكلون قوة عسكرية واقتصادية ضاربة بعد بيعهم لمحطة كهرباء زيزون وسكة الحديد المارة في مناطق سيطرتهم ويضيف العلاوي ان التركستان يفضلون شراء لحم الخاروف مهما كان سعره في حين ان معظم السكان السوريين يبحثون عن لقمة عيشهم في ضيق وكدر الامر الذي أكده القصاب أبو علي صاحب مسلخ ذبح اغنام في المدينة والذي اكد ان اقل طلبية للتركستان من لحم الخاروف في العام 2017 عندما حلق سعر كيلو اللحم الى حوالي 1.5$ كان يقدر بـ 5 كيلو لحم خاروف كل يومين لكل عائلة. في حين اشترى التركستان الدبابات والأسلحة الثقيلة بسبب سيطرتهم على محطة كهرباء زيزون وسكة الحديد ومواسم الزيتون الواسعة وحقول زراعية تقدر بأكثر من 40الف دونم مزروعة بالزيتون والمانغا والقمح والشعير  يتصرف بها المكتب الاقتصادي والذي يتزعمه شخص تركستاني يدعى زيد  حصل على فتوى شرعية تبيح له الاستفادة من أي منشأة عامة او عائدة لمسيحيين او علويين بحجة انها عائدة للطاغوت حسب الفتوة، ولعل جبهة النصرة أعطت للتركستان حرية التصرف بكل المقدرات في غرب حماة وغرب ادلب لتكون ذراع لها في أي حرب مستقبلية مع فصائل المعارضة المعتدلة وهذا ما حصل حقيقتا في أوائل العام 2018 عندما اشتبكت جبهة تحرير سوريا ( احرار الشام _ الزنكي) مع جبهة النصرة التي كادت ان تنكسر لولا تدخل التركستان وسيطرتها على عدد من المدن والبلدات في الشمال السوري مثل الدانا وسرمدا وسرمين والانسحاب منها فيما بعد وتركها لجبهة النصرة.

  • ما هو حجم الضرر بمحة كهرباء زيزون؟

عن هذا الجانب يقول المهندس جمال الصطوف ان الضرر الحاصل اليوم بالمحطة عام وشامل بكل اقسامها وملحقاتها وتوابعها. الا ان الارضية اللازمة موجودة والبنى التحتية موجودة وان كانت مخربة والابنية موجودة وان كانت منهوبة. ويمكن اعادة تشغيلها بعد اعادة تأهيلها ويمكن اعادة تأهيلها عبر تشكيل لجنة لدراسة ومعاينة الاحتياجات واللوازم واحتساب التكاليف التقريبية والتقديرية وتامين السيولة اللازمة والتواصل مع شركات اختصاصية لتوريد اللازم ومن غير الشركات الاساسية لان اصابع العصابة الاسدية وعبر اموال النفط وثروات سوريا المنهوبة داخلة بتلك الشركات حتى النخاع، ويضيف الصطوف “ان إعادة التأهيل ممكنة من قبل اختصاصيين وكادر عمل خاضع لدورات عمل بالتعاون مع شركات عالمية لكن دون تدخل نظام الأسد واللصوص الذين نهبوا المحطة”. ـ نعم، إعادة تأهيل المحطة ممكنة، ولكنها ممكنة حيت لا يتمكّن اللصوص منها ثانية. كهرباء زيزون

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا”

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

''

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى