fbpx

ليس لدى الأسد من يكالمه

مرصد مينا

هذا ليس عنواناً لرواية ماركيزية، هو حقيقة العزلة التي يعيشها ونظامه، بما جعله خارج كل حسابات الإقليم حرباً وسلماً، وأحاله إلى رجل يتكئ على مجموعة من المناصرين الذين يلعبون دور التلامذة وهو يحاضر فيهم مستعيداً إنشائياته التي لا تُحدّد موقفاً ولا خطة ولا رؤية للخروج بالبلاد من بؤسها وعتمة خياراتها، وكان آخرها اجتماعه باللجنة المركزية لحزب البعث وهي اللجنة التي حملت اوراقاً وأقلاماً وباتت تكتب هذياناته التي لا تخلو من كوميديا لا تضحك.

ولكن السؤال الأكثر حضوراً هو:

ـ ماذا بوسع الأسد أن يقول جدّياً فيما لو شاء القول كلاماً جدّياً؟

حتماً ليس بوسعه القول أنه سينخرط في حرب غزة مناصراً للغزاويين الذين يتعرضون لما يشبه الإبادة، فلا جيشه قادر على مواجهة الجيش الإسرائيلي ما بعد تشظي الجيش وتحوّله إلى ميليشيات محكومة للزينبي والفاطمي، ولا هو قادر على لعب دور “وساطة” ما، وصوته لا يتعدى غرفة نومه، أما وزنه كرئيس فقد بات لا يتجاوز دور “مختار” في قرية نائية.

وحتماً ليس بوسعه الحديث عن اقتصاد يمكن استنهاضه وقد طوّق بأمراء الفساد وبات اقتصاداً جوهره “الكبتاغون” والمخدرات باشتقاقاتها، وهاهم الأردنيون يعلنونها يوماً وراء يوم، وصولاً لإرسال طائراتهم الحربية لقصف مواقع في الأرض السورية ودون أي رد سوري، حتى ولا ردّ إعلامي.

وحتماً ليس لديه ما يقوله للجنوب السوري وقد كنس هذا الجنوب النظام بمؤسساته من أراضيه، وختم بوابات حزبه القائد بالشمع الأحمر، حتى بات “ممنوع التجوّل على بعثي في هذا الجنوب المحرر”.

فما الذي بوسعه أن يخاطب به “شعبه” فيما لم يتبق له شعب يخاطبه؟

الثرثرة وحدها، وافتعال ظهور إعلامي ليقول:
ـ مازلت أتنفس.
وهو يتنفس كما لو يغرق، وقد بات رجلاً مريضاً بالعزلة التي تعقبها الثرثرة، ما يؤشر أن وجوده على رأس السلطة بات “لزوم ما لا يلزم”، وهو اللزوم الذي يحدّده الإيراني والروسي، فإذا ما نفض أحدهم أيديه عنه فلابد سيسقط، وهذا امر لاشك مستبعد في الصيغة السورية الراهنة، فلا الروس مستعجلون على إسقاطه، ولا الإيرانيون مستعجلون، وكل وجوده مرهون على “الوقت”، والوقت هنا يعني اعداد البلاد لمرحلة جديدة، قد يكون التقسيم واحد من ممكناتها، فيما الإبقاء على نظام مركزي قد يبدو خياراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً ما بعد حركة النزوح والإحلال التي عاشتها سوريا على مدى عقد من الحرب والفوضى.

ما تبقى من الأسد:
ـ رجل يثرثر، وأتباع تُملى عليهم ثرثرات لابد تُسعِدَهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى