fbpx

البردعة والحمار

مرصد مينا

“اللي مافي ع الحمار بيتمرجل على البردعة” هذا مثل قديم يتعاطاه السوريون، وهكذا الحال اليوم، فمن لا يستطيع مواجهة الطغمة الحاكمة “يتمرجل على الحكومة”، والحكومة في واقع الحال هي البردعة أما الحمار فما لاشك فيه هو ساكن قصر المهاجرين، مع طغمة من أجهزة الاستخبارات والعسكر، وهما في واقع الحال رعاة الفساد وأصحاب الفساد وممولو الفساد، ولابد أن لقمة الشعب بقبضتهم المضمومة.

يخرج عضو من مجلس الشعب ليحمّل الحكومة سبب المأساة المعيشية العميقة التي يعيشها السوريون، ومن ثم يطالب بإسقاط الحكومة “العاجزة” عن انتشال الناس من بؤس حياتهم، فيما تعريف “الحكومة” ومنذ عهد الراحل حافظ الأسد، لايتجاوز “مجموعة من الأفراد يأتمرون بأوامر السيد العريف”، فلا تتجاوز قدرتهم على إدارة البلاد طأطأة الرأس لأوامر القصر الذي يرتب ويخطط وينفّد ويأمر فيُطاع.

مطالب إسقاط الحكومة، ليست سوى “محاكاة” سخيفة للدولة المدنية العصرية التي تتحمل فيها الحكومات مسؤولية الرعاية الاجتماعية والتخطيط الاقتصادي وبرامج التنمية، وحين تكون “الحكومات” على هذا القدر من المسؤولية:

ـ لن يحتل العسكر الشارع والمعمل والمزرعة والجامعة والمشفى والمؤسسسات القضائية.

وحين تكون على هذا المستوى:

ـ لن يكون الوزير في الحكومة تابعاً لمجهول يتجول في كوريدورات وزارته، والمجهول وفق المعلوم عنصر من مؤسسة استخبارية تفرض على الوزير إسقاط إرادته في إدارة وزارته.

وحين تكون الحكومة على هذا المستوى:

تحاسب وفق منطق الكفاءة والمردود لا منطق الولاء والإذعان.

وحين تكون الحكومة حكومة:

تكون الرئاسة مكفوفة اليد سوى عن مسؤولياتها فيما تكون مسؤوليات الحكومة حصرية بالحكومة.

وهكذا ففي بلد مثل سوريا، ليس ثمة حكومة، فتلك اليافطة التي تحمل اسمها لا تتعدى في جوهرها مجرد أفراد يلتقون على تنفيذ أوامر قهرمانات الرئاسة بدءاً من “سيّدة الياسمين” وصولاً لأحباب وأصحاب ياسمينها، مروراً بالعسكر بدءاً من شقيق الرئيس، مروراً بأصحاب ومحاسيب شقيق السيد الرئيس، دون نسيان العائلة الحاكمة وبيدها النقمة والنعمة والتعيين والإقالة والثقة وحجب الثقة، والحب والكراهية، أما عن الحكومة فلن تزيد عن كونها “حمار العرس” تحمل الأثقال دون أن تشارك في المأدبة أو في ليلة الدخلة.

وهنا سيكون للحكومة مهمتين اثنتين، وكلتاهما مرتبطتان بـ “الحمار”:

المهمة الأولى أن تكون “بردعة” الأزمات، مهمتها تحمل الركل كبديل عن الحمار.

ومهمتها الثانية مهمة حمار العرس الذي لا شغلة له في العرس سوى نقل الاحمال.

تلك هي مهامها، ومع ذلك يأتي “مجلس الشعب” لتحميلها مسؤولية انهيار الدولة وانهيار الاقتصاد ومجاعات الناس.

ثمة ما يضحك في الأمر دون نسيان أن الإضحاك في لحظة ما يساوي الاحتضار.

السوري يحتضر.. تلك هي الحقيقة الوحيدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى