fbpx

الإسلام في أوروبا في ظل اليمين الأوروبي المتطرف

بمناسبة انتهاء الانتخابات المجرية في منتصف نيسان/ أبريل الماضي التي انتهت بفوز رئيس حزب “فيديسز” فيكتور أوربان (54عاماً) برئاسة الوزراء لولاية ثالثة الذي كان يشدد دوماً في حملته على أن أي هزيمة له بالانتخابات ستؤدي إلى فوضى فى ملف الهجرة وانتصار أعداء المجر الذين يريدون تجريد المجريين من بلادهم. وقبل تصريحات رئيس الوزراء والمعارض الليبرالي الذي تحول إلى بطل يميني فيكتور أوربان، كان الرئيس المجري يانوش لازار يعزف على الوتر نفسه، بعد أن صرح في بداية آذار/ مارس الماضي، قائلاً “إنّ العاصمة النمساوية فيينا أصبحت مكاناً سيئاً بسبب المهاجرين والأجانب”، وهو الأمر الذي تسبب في ردات فعل غاضبة من السياسيين النمساويين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الشاب سباستيان كورز. لذلك علينا إلقاء الضوء على الانتخابات المجرية ومجرياتها، فكل ما جاء فيها وبعدها متوقع ولم يحدث شيء خارج النص، ولكن ما كان يقال داخل أروقة البرلمان المنعقد في تلك المدّة، يعكس لنا حقيقة الوضع الأوروبي الحالي وحجم التحديات والتهديدات التي تواجه القارة العجوز، أوروبا التي تتعرض للضغوط من كل ما حولها بداية من صديقة الأمس بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي، مروراً بالولايات المتحدة الأمريكية التي تنقض على مصالح أوروبا في الشرق الاوسط كماء تشاء، وتدفع بها إلى الصدام التجاري كما تشاء أيضاً، ثم روسيا التي تلوي ذراعها بالغاز، وصولاً إلى تركيا التي تتعامل مع الإرهابيين في معسكراتها شرق تركيا وورقة المهاجرين على أنهم القوى الانكشارية التي ستمد نفوذ الإمبراطورية العثمانية الجديدة إلى ما هو أبعد من اسطنبول وإزمير. هذا البلد العريق الذي يقع في وسط أوروبا، صرح رئيس برلمانه لاسلو كوفير خلال كلمته التي ألقاها في منتدى سوبرون (مدينة غرب المجر) نيسان/ أبريل الماضي، قائلا: “إن 500 كنيسة أغلقت أبوابها في العاصمة لندن منذ عام 2001 مقابل بناء 423 مسجداً جديداً في المدينة، وأنّ عدد المسلمين والمسيحيين المؤدين للصلوات في لندن سيبلغ ما بين 800 إلى900 ألف شخص، ولكن ستكون أعمار 50 في المئة من المصلين المسيحيين أكثر من 65 عاماً، بينما 50 في المئة من المصلين المسلمين أقل من 25 عاماً، وإن كانت التركيبة السكانية والثقافية للمملكة المتحدة أصبحت على هذا الشكل، فالسؤال لنا الآن، هل تريد المجر أن تكون على الشكل نفسه أيضاً أم ستتجنب حدوث مثل هذا الوضع”. وهنا جاءت رؤية رئيس البرلمان المجري لشكل القارة العجوز من جراء تدفق موجات اللاجئين العرب والمسلمين إلى أوروبا بسبب الحروب في المنطقة، كرؤية رئيس الوزراء فيكتور أوربان، الذي قال: “إنّ معظم اللاجئين في أوروبا قادمون من الدول الإسلامية، وفي حال استمرار الوضع على هذا الحال سيكون سكان كبرى المدن الأوروبية من المسلمين”. وإذا كان ذلك هو وضع أوروبا وذلك هو السؤال الذي طرحه رئيس برلمان المجر على شعبه، فالسؤال الذي نطرحه أمامكم الآن؛ وهو ما يخصنا، أي إسلام حينها هو الذي سيكون في أوروبا؟. أي إسلام؟ في ظل توغل الإخوان المسلمين وسيطرتهم على أغلب المؤسسات الإسلامية في أوروبا تقريباً إن لم يكن جميعها، فالنمسا وزيورخ وروما وباريس ومن قبلهم لندن باتت أكثر أمناً وهدوء لقيادات جماعة الإخوان المسلمين وعناصرها، من اسطنبول والدوحة والخرطوم، حتى صارت أوروبا الآن بين فكي كماشة الإسلام السياسي. فمن جهة الشمال غرب ستجد الصانعة والحاضنة لتيار الإخوان المسلمين ألا وهي بريطانيا، ومن جهة الجنوب شرق تركيا التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية الإخواني، تركيا التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 80 مليون مسلم نصفهم تقريباً موالٍ للحزب الحاكم وللتيار القومي (الموالي أيضاً لحزب العدالة والتنمية) وترغب في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فلندن عاصمة الإسلام السياسي وصانعته، أصدرت شهادة ميلاده حاضرة في مشهد التحول الديموغرافي في أوروبا، وحقيقة الأمر بريطانيا ليست خاسرة أو حزينة من جراء ما يحدث لأوروبا، وما يصيب أكبر أمتين في القارة العجوز فرنسا وألمانيا (أكثر المتضررين من ملف اللاجئين)، ولنا في كم العمليات الإرهابية الضخم التي شهدتها فرنسا وألمانيا من دون غيرهما من دول العالم عبرة، على الرغم من أنه كان يفترض أن تكون بريطانيا هي صاحبة نصيب الأسد من العمليات الإرهابية التي شهدتها أوروبا، بحكم دورها الفج في غزو العراق 2003 والحرب على سوريا وليبيا واليمن. وهذا أمر لم يكن مفاجئاً للدولة العميقة بباريس، ونتذكر حديث رئيس أركان فرنسا الأسبق إدوار جيو في بدايات 2012 لمجلة “لوبوان”، عندما سئل عن الخطر الذي يهدد مستقبل القارة الأوروبية، فقال: “إن الجهاديين والتكفيريين الذين يجري تدريبهم في معسكرات شرق تركيا، بعد انتهاء مهمتهم في الشرق الأوسط سيزحفون علينا عاجلا أم آجلا”. خلاصة القول في ظل أمواج الهجرة من بلادنا إلى القارة العجوز، وتأثر مسلمي أوروبا الذين ولدوا وعاشوا في المجتمع الأوروبي المتحضر بالفكر الداعشي (بحسب تقارير تلك الدول)، بالتزامن مع تحول تركيا من دولة ممر للتكفيريين والإرهابيين إلى دولة مقر، حتى باتت تركيا هي البوابة الرئيسة لهم نحو أوروبا، في ظل رؤية أردوغان لهولاء الإرهابيين على أنهم القوى الانكشارية الجديدة التي ستمد نفوذ دولته خارج حدود تركيا، حتى صار الأمر له في إدلب السورية، بات السؤال الآن واضحاً، كيف سيكون شكل الإسلام الذي يتمدد في القارة العجوز اليوم وغدا. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى