fbpx

بشار الأسد: سوبرمان أم أعمى؟

نبيل الملحم

عقد اجتماعي بالغ الوضوح ما بين العائلة الملكية في الأردن والمجتمع، وعبر تاريخها، وهو ليس بالتاريخ البعيد وقد تأسست المملكة ما بعد إطلاق الشريف حسين لفرسه الشقراء، فكانت المملكة مستقرة قلّما تعرّضت لهزات ربما كان أبرزها ما سمي بأيلول الأسود يوم تطلع ياسر عرفات لامتلاك المملكة، فكانت النتيجة تحويل عرفات إلى بيروت مع المنظمة لتستقر هناك فتحوّل لبنان إلى “فتح لاند” فتسقط في الأرض الجديدة ومن ثم إلى حمّام الشطّ ومن بعده إلى أوسلو.

ليست المملكة بنعمة تُحسّد عليها، غير أنها صيغة مُستقرة طالما اشتغلت على تصفير نزاعاتها مع الجيران بمن في الجيران “إسرائيل”، وكان الراحل الملك حسين قد قرأ للبعيد فلم يُلق بجيشه في الصراعات الخاسرة، كما لم يرتكب آثام هزائم الحروب، فاشتغل على السلام، ومن السلام أعاد الضفة لأصحابها أي للفلسطينيين.

لم تحتمل المملكة صيغة جاراتها، لا الجارة السورية، ولا الجارة العراقية، ولم تنتج لا صدام حسين ولا حافظ الأسد، ولهذا لم تزدحم بالسجون والمساجين، دون نسيان أنها ورثت الدبلوماسية البريطانية، فيما تحوّلت بصيغة أو بأخرى لمحمية أمريكية، يعزّ على الامريكان أن تتعرض لأية مخاطر، سواء من الجيران او من الداخل، ولكنها اليوم تواجه المآزق المزدوج:

ـ مأزق الكبتاغون، ومعه مآزق الأنفاق، وكل منهما يشتغل لحساب الآخر.

مع الكبتاغون، ومن أجل الحيلولة دون احتلاله للمملكة في طريقه إلى الممالك الأخرى، أرسلت وزير خارجيتها أيمن الصفدي إلى بشار الأسد ليرجوه:

ـ سيدي الرئيس بلدنا لا يحتمل خيراتكم هذه.

ومع رجاءاته، اكد على الرئيس أن موضوع النزوح السوري نحو المملكة لابد سيهدد المملكة بمدخراتها المتواضعة ومواردها الشحيحة، طالباً منه وضع حلول لهذا وتلك من المشاكل التي صدّرها الجار للجار و “بخطة سياسية”، فكانت النتائج أن زاد الجار على الكبتاغون والأنفاق طائرات الدرون التي تحمل المخدرات كما احتمال الـ “تي ان تي” ليهدد الاردن  في مقايضة بالغة القساوة.. مقايضة تقول:

ـ احكوا مع أصدقائكم الامريكان ليرفعوا عنا عقوباتهم وإلاّ.

لا المملكة قادرة على تغيير الأمريكان، ولا هي قادرة على احتواء صادرات الجار، فما الذي تبقّى للمملكة؟

تبقّى أن يقف عبد الله الثاني ويخطب بالكلام الصريح:

ـ كفّوا عنا.

ذلك كان الكلام، غير أن بشار الأسد لا يغريه الكلام وإن كان قد استغرق طويلاً في الثرثرة، ولهذا كان لابد للأردن أن ينتقل إلى ما بعد الكلام، أي إلى الفعل، ومن الأفعال التي لابد وأن تتحول إلى ممر إجباري لعائلته وللمملكة أن يشتغل على مسارين:

ـ مساندة انتفاضات الجنوب وقد انطلقت من السويداء اليوم وهي تتخمر في درعا استعداداً للغد.

ـ والمطالبة بشريط عازل قد يمتد إلى ثلاثين كيلو متر على طول الحدود مع الجار السوري.

وفي الحالين سيشتغل على تطويق النظام وإضرام النيران فيما تبقّى من ثيابه.. وفي الحالين يستدعي بشار الأسد عداوة جديدة لشخصه ونظامه متجاوزاً مجموع الفرص التي أتيحت لرفع الأنشوطة عن رقبته، وكانت دعوته لجامعة الدول العربية واحدة من محاولات التقليل من ضيق الأنشوطة.

الأمر هنا لا يستدعي الكلام بالسياسة، إنه يستدعي النظر إلى شخص الرئيس بل إلى سيكولوجيا الرئيس لتكون الخلاصة واحدة من احتمالين:

ـ إما أنه سوبرمان يخفي معجزة لبقائه على قيد السلطة والحياة.

وإما أنه يعيش في فقاعته وبغيبوبة محض صرفة.

ما من مؤشر يفيد بأنه سوبرمان، أما عن الفقاعة فلقد باتت مؤكدة، ولو لم يكن الأمر على هذا النحو لثقبت صرخات السوريين طبلة أذنيه فأعماه الصمم.

هو الأمر كذلك.

ليس ثمة احتمال ثالث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى