fbpx

تركيا بين الممرات والاشتراطات

مرصد مينا

“عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا تزال أمرا بعيد المنال”، أقلّه هذا ماجاء على لسان سوزان لينش وجاكوبو باريغازي من “بوليتيكو”، وهما من أعمدة المجلة ذائعة الصيت.
وأشار الكاتبان إلى أن أردوغان يعرف أن نفوذه في الناتو، ومكانته كوسيط بين روسيا وأوكرانيا يمنحانه نفوذا إضافيا في الغرب، لا سيما بعد تأكيد هيمنته على السياسة التركية بفوزه الأخير في الانتخابات.
الرئيس أردوغان وفق الكاتبين يقايض انضمامه للاتحاد الأوروبي بانضمام ستوكهولم للناتو، متجاوزاً ما كان قد قاله أولاف شولتز “هذا أمر وذاك آخر”.
للاتحاد الأوروبي موقفه من انضمام تركيا للاتحاد، فالقادة الأوروبيون مازالوا يعتقدون بأن الرئيس التركي يشق طريقاً بمنعطفات استبدادية، بينما تقول أنقرة إن قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لم تمس في البلاد، وإن التحركات ضد قادة الانقلاب ومموليه داخل البلاد تمت عبر أدوات قضائية وبعد تحقيقات شفافة، ويتحثدون عن محاولة انقلاب ٢٠١٦ التي نجا منها الرئيس التركي.
وبحلول عام 2018، قال المجلس الأوروبي، في بيان، إن مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد “وصلت إلى طريق مسدود”.
تركيا ومنذ ستون عاماً وهي تشتغل لتكون جزءاً من النادي الأوروبي، وبالتحديد منذ ١٩٥٩
تمتد محاولة تركيا للانضمام إلى النادي الأوروبي لما يقرب من 60 عامًا، وبالتحديد منذ عام 1959 وصولاً إلى اللحظة وكانت قد حققت خطوة في هذا الاتجاه يوم منحت مرتبة “مرشح الاتحاد الأوروبي” وكان هذا في عام ١٩٩٩ غير أنها وحتى اللحظو لم تزل على حافة الاتحاد بل على عتبته، فالعائق شاهق امامها، وأبرز عائق ربما كان في الموقف اليوناني وقد حالت أثينا دون انتظام تركيا في الاتحاد.
أكثر من ذلك فإذا ماعدنا للكاتبين، فثمة وفق تعبيرهما: “نقصاً بالإرادة السياسية لبعض القادة الأوروبيين حيال مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا” ويسوقان مثالاً على ذلك استناداً إلى كلام كان قد قاله الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عام 2011، بأن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي كانت أمرًا محظورًا بالنسبة لفرنسا.
ما يتضح مما سبق أن بوابة الانتظام في الاتحاد الأوربي بالنسبة لتركيا مازالت موصدة، غير أن ثمة بوابة من الصعب إغلاقها، وهي “بوابة الشراكة”، وبدقة اكبر “شراكة الأمر الواقع التي جمعت بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، حينما استضافت الأولى آلاف اللاجئين مقابل تمويل أوروبي بمليارات اليوروهات، لكن هذا التعاون فشل في تغيير المضمون العام للعلاقة بين الجانبين.
اليوم ثمة حراك في هذا الاتجاه، ونعني اتجاه الانضمام للاتحاد ، والحراك يتمثل في عقد محادثات ستكون خلال الأسبوع المقبل، على مستوى وزراء الخارجية، لمناقشة علاقات الكتلة مع تركيا وآفاقها المستقبلية.
الكاتبان أكدا أنهما حصلا على وثيقة دبلوماسية من الاتحاد الأوروبي، سيتم عرضها على الوزراء الأوروبيين، تقول إن محاولة انضمام أنقرة للاتحاد “تظل بلا حياة”، لكنها أقرت بأهمية أن يسعى الاتحاد لتأكيد مصالحه الاستراتيجية عبر علاقات جيدة مع تركيا.
وابعة لما أورده الكاتبان فإن الوثيقة تقترح على وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي النظر في كيفية “المساهمة بنشاط في الاستئناف السريع لمحادثات التسوية القبرصية” والتفكير في كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل مع مصالح تركيا.
هنا يبرز السؤال:
ـ ما الذي تريده تركيا من الانضمام للاتحاد الأوروبي؟
ستتضاعف أهمية السؤال إن علمنا بأن أحد الخيارات التي يجري النظر فيها مبدئيًا هو تجديد الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والذي كان قائمًا منذ عام 1995، وهذا يعني فيما يعنيه تسهيل التجارة بين الشريكين، ولكنه في حاجة ماسة إلى التحديث ليعكس التغيرات في التكنولوجيا وسلاسل التوريد العالمية.
في الإجابة الأكثر دقّة، والتي تشكل أحد أولويات السياسة التركية في تطلعها للانضمام للاتحاد هو تحرير التأشيرة لمنح مواطنيها حرية السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرات لفترات طويلة.
ويبدو أن السويد قررت التحرك لدعم تركيا بفعالية في هذين الملفين (الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرة) بعد أن وافقت أنقرة على عضويتها في الناتو.
لتركيا ممراتها، وللاتحاد اشتراطاته، واللعبة اليوم مابين الممرات والاشتراطات.
ـ ملف اللاجئين واحد من الممرات التركية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى