fbpx

ظاهرة (التنمّر) على الطلبة السوريين في المدارس التركية

ما يدمي القلب، هو ما يقوم به بعض السياسيين الأتراك الذين يستفيقون في أثناء اللعبة الانتخابية لكي يكتشفوا بدورهم أن اللاجئ السوري بات يمارس الاحتلال للأراضي التركية، تماماً على طريقة بعض الجوار العرب في لبنان، والذين حركتهم لعبة سياسية صنعها حزب الله، بالتعاون مع النظام لإجبار اللاجئين على العودة الى مناطق سيطرة النظام، لأن النظام كان يحتاجهم لأمرين، الأول هو أنه يريد استغلال الشبان في تعزيز جيشه المتهاوي، والثاني أنه يريد أن يصمد نفسه على أوجاعهم وقهرهم بما يجعل منه ناطقاً باسم الجميع، ناهيك عن الثروات التي سينتزعها منهم، من خلال استغلالهم وابتزازهم عبر طرق شتى، في الوقت الذي لا يقدم لهم أي خدمات تذكر. التنمر بحق الطفولة التنمر هو واحدة من الجرائم بحق الطفل والطفولة، خصوصاً عندما يكون معلوماً مكانه وزمانه، وعندما لا تقوم المؤسسات المعنية، بأخذ دورها في حماية الأطفال الذين يقعون ضحية التنمر، والذي يلحق أذىً بالغاً بحق الأطفال، قد يستمر معهم لسنوات طويلة، وقد يؤدي بهم مستقبلاً إلى تبني ثقافة الكره للآخر، والتي هي إحدى أبرز معضلات العصر الحالي. هذه الرسالة التي تبدأ من بعض السياسيين الأتراك، وهو ما بتنا نشاهده في كل مناسبة انتخابية أو حزبية، هي بمثابة جريمة لها عدة أوجه، فهي من ناحية الطفولة، تؤدي بالأطفال إلى عزلة اجتماعية إجبارية، تضعف ثقة الطفل بنفسه وبمجتمعه، وتصبح علاقته المدرسية قائمة بشكل خاطئ، تختفي فيها الثقة المتبادلة بين المدرسة والطالب، والذي تأخذه العزلة المدرسية إلى حالات عديدة، أبرزها التسيّب المدرسي، وعدم الاستجابة للنصح المدرسي وحتى الأبوي، ما قد يؤدي إلى اعتزال الطالب حتى داخل مجتمعه، وقد تدفعه العزلة للانحراف، وقد ينتهي به الأمر إلى سلوك مغاير لا يخدم الطفل وعائلته ومجتمعه، ناهيك عن حالات الانتحار التي قد ترافق بعضهم. لذلك فالطفل الذي يقع ضحية التنمر، هو عملياً مجرد طفل في طريقه نحو عالم الشباب، وبالتالي هذه المسافة القصيرة بين الطفولة المدرسية والمراهقة، أو الشباب، غالباً ما تعيد التكوين الثقافي لهذا الطفل بطريقة غير واعية، تقوده حتماً نحو التنمر إلى ما هم دونه، ناهيك عن نظرته للمجتمع الذي مارس التنمر بحقه، وهو ما لا يمكن رصد تبعاته في الواقع الحالي القريب. عبث السياسيين أما دور السياسيين في هذه المسألة، فهم يعيدون انتاج الكراهية، في صفوف الطلبة من مواطنيهم نتيجة حقنهم بأفكار خاطئة، هي جاءت لغايات سياسية بحتة، كما حدث في بعض الأفرع الانتخابية في إسطنبول وغيرها، فالبعض يريد أن يمسك (السوريين من آذآنهم والقائهم خارج تركيا) وآخرين ذهبوا الى وصف (اللاجئ السوري بالمحتل)، وهي بالنهاية لغة مخجلة، لا تليق بسياسيين لا يمارسون فقط لعبة سياسية لأجل مكسب سياسي، ولكنهم يمارسون لغة وخطاباً غاية في البؤس، له انعكاساته المستقبلية على المدى البعيد، ما يعني الحاق الأضرار المباشرة بمستقبل العلاقة التي تربط شعبين معاً، تربطهما جغرافيا وهموم مشتركة  واحدة. هنا نواجه أمراً صعباً للغاية، فاللاجئ السوري الذي يتحول الى بورصة انتخابية في المناسبات، هو عملياً يتحول الى ضحية، ولكن بمقابل ذلك لا يوجد مؤسسات أو منظمات خاصة باللاجئين السوريين، تعمل على رفض هذا النمط السياسي، أو على الأقل هناك ثمة غياب كامل للحقوقيين السوريين، الذين لا يتقدمون للمحاكم التركية بشكاوى رسمية، تعمل على توثيق لغة السياسيين الذين يستغلون مشهد اللجوء السوري،  وهو ما يترك السياسيين الاتراك يمرحون أحراراً دون مواجهة ولو إعلامية من أجل توقفهم عن الاستغلال السياسي للمشهد الانتخابي أو المناسبات. نحن هنا بالطبع نواجه حالة الانقسام الموجودة في سوريا، ونواجه أيضاً طبقة من الحقوقيين والاعلاميين وغيرهم، يعملون على طمس ما يحدث من انتهاك للاجئين السوريين في تركيا، مع أنه انتهاك خارج نطاق القانون، ومع أنه انتهاك سوف يؤثر بشكل مباشر على مستقبل العلاقة بين شعبين جارين، احتضن أحدهما الآخر منذ بدء الأزمة، غير أن بعض السياسيين والإعلاميين الأتراك يعملون على إفساد المشهد الحضاري السابق، وتحويله على طريقة حزب الله، إلى ممارسة مشينة لا تليق بالشعبين السوري والتركي. المستقبل الجميع يعلم أن الأزمة السورية لن تبقى للأبد، والجميع يعرف أن نظام الأسد لن يبقى مطلقاً، وأن عامل الوقت سوف يبدل اللعبة السياسية بالكامل، وما نريده بالضبط، أن يدرك أولئك الذين يحرضون على الشعب السوري، أن رسالة لعبتهم السياسية القذرة قد وصلت الى صفوف المدارس، وهو أمر مرفوض تماماً، فالعربي لم يعد هو (الخائن) في الثقافة المدرسية التركية، وإنما هو الجار الذي لا بد من التعامل معه، لأن سوريا هي طريق الاتراك إلى العمق العربي، كما هي تركيا هي طريق العرب جميعاً إلى أوروبا، وأما المستقبل فهو يقول جملة واحدة، انتهى زمن عزلة الدولة الواحدة، فنحن في عصر الانفتاح، وكل شعوب الأرض باتت تصافح بعضها من خلال الكلمة والمصلحة والحاجة. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى