fbpx

لبنان أم “حماس لاند”؟

مرصد مينا

تضاعفت مخاوف اللبنانيين، وانتقل الخوف من توريطهم بحرب يتسبب بها “حزب الله”، إلى حرب تتسبب بها “حماس” أو “الجهاد” أو فلتان سلاح المخيمات اللبنانية، فالبلد لم ينس “فتح لاند”، يوم حلّ سلاح “ابو عمار” محل الدولة، فلا هو حرّر الأقصى، ولا هو أبقى على لبنان الدولة وقد انتقل لبنان إلى الحرب الأهلية، فيما أخذت الزوارق أبو عمار بلا سلاحه إلى “حمّام الشط” التونسي، وكان الإسرائيليون قد احتلوا بيروت بعد خرابها، وكانت النتيجة الإجهاز على الجمهورية وبسبب من مغامرة المسلمين واليسار في تقديم “مشروعية المقاومة الفلسطينية” على الدولة.

واليوم وعلى الدوام  فإن “حزب الله” لم يمثل سوى كيان طائفي، فضلاً عما شكله من تجسيد فعلي لمصالح خارجية: مرة كانت سورية. ومرات كانت إيرانية. وما من مرة إلا وبدت “المقاومة” كقوة قاهرة غير خاضعة للمساءلة، وهذا بحد ذاته دحض لفكرة الدولة حديثةً كانت أو سابقة على الحداثة.

واليوم يسقط لبنان صريعاً وإسرائيل تنعم بكل مقومات الدولة. ولا مشكلة، ما دام كلام سماحته يؤرقهم خصوصاً عندما يعرض على كرتونة إحداثيات المواقع الإسرائيلية التي سوف يستهدفها. حزبه أزال حدود الدول وربَط الساحات التي لم تصبح دولاً، والغارقة في الظلام من غزة الى دمشق مروراً ببيروت.

لبنان اليوم يتصدر أعلى معدلات الفقر والانهيار بسب من مقامرات “الحزب” ـ واستدعائه “حماس” و”الجهاد”ـ  سيزيد من هول الكارثة .

لبنانيون، وكانوا من حلفاء “حزب الله” يصرخون وبالصوت العالي “كان على قوّات الحدود اعتقال اسماعيل هنية ومنعه من دخول لبنان”، سمعنا هذا من جوزيف أبو فاضل على سبيل المثال، وسمعنا تساؤلات من طراز:

بأي حق  أناب “حزب الله” نفسه عن لبنان عندما استعمل لغة “الأمر والنهي” في خطابه التهديدي الموجّه لمجهول يُخيّر لبنان بين الجوع والموت بالقتل.. معلناً “الحرب” ردّاً على هذا الخيار؟

هل سيقاتل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الذي انقطع لبنان عنهما بسبب من سياساته ومغامراته العسكرية على مساحة العالم العربي؟

أو هل سيفجّر أسعار الصرف ويهاجم الدولار ويحارب العقوبات الأميركية ويخاصم التخلّي العربي والدولي عن لبنان واقتصاده وأهله وناسه؟

إسرائيل التي يدعو إلى دحرها من سهل القليلة في قضاء مدينة صور يبلغ الحد الأدنى فيها للأجور نحو 1800 دولار أميركي، فيما مثيله بلبنان لا يتجاوز الـ45 دولاراً.

الأسوأ أن لبنان تسلم رسمياً من زيمبابوي “دفة القيادة” العالمية لبطولة تضخّم أسعار الغذاء، منذراً “المنافسين” جميعاً من الدول المتعثرة والفاشلة بتوسيع الفارق الرقمي من الآحاد إلى العشرات. وجاءت هذه “الريادة” الممهورة بتوقيع البنك الدولي بعد تسجيل لبنان أعلى نسبة تضخم في اسعار السلة الغذائية منذالشهر الاول للعام الجاري 2023.

منظمة العمل الدولية أيضاً ذيلت توقيعها على الريّادة اللبنانية في بطالة القوى العاملة التي صار ثلثها في المنازل ويبلغ نحو 30 في المئة، ليضاف إلى معدل بطالة كان قائماً ونسبته تفوق الـ20 في المئة. ما يعني أنّ نصف اللبنانيين بلا عمل وبلا دخل.

قبل الإنسحاب السوري في 26 نيسان 2005 كان التخيير الواقع على اللبنانيين: إما مع دمشق الأسد أباً وإبناً.. أو “نحرق البلد”. وهذا كلف لبنان اغتيال الرئيس رفيق الحريري ونواب وقادة رأي.

في زمن الصعود الناصري كانت المفاضلة: مصر أم الإمبريالية العالمية؟ بين الزمنيين كان الإنتقاء جبرياً: إما تحكم “منظمة التحرير الفلسطينية” أو تدمير الدولة.

الوقائع اللبنانية اليوم تتكرر إنما على الحدود الجنوبية مع فلسطين. يتجاهل الحزب أنّ المسألة أعقد من جدلية: مع فلسطين أم ضدها؟ نعم مع الحق الفلسطيني. لكن، ماذا عن الدولة واقتصادها قبل إطلاق الصواريخ وبعده؟

رويداً رويداً سيتخلّى كل اللبنانيين عن “حزب الله”، بمن في ذلك بيئته الحاملة، بما يسمح بالقول:

ـ لقد بات عصابة.

نعم وبكل ماتعنيه العصابة.

ليس أمر عابر أن نسمع من لبنانيين كانوا بالأمس من أنصار هذا الحزب القول:

ـ لسنا “حماس لاند”.

اخرجوا من أرضنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى