fbpx

لهيب صيف فرنسا.. ما الذي خزّنه الشتاء؟

نبيل الملحم

“لهيب الصيف هو مايخزّنه برد الشتاء”، وهذا كلام لـ “مارتن لوثركينغ”، ولابد أنه ابعد في دلالته من مجرد استخدام مراوح السقف أو مدافئ الحطب، وإذا كان لابد من ترجمة مارتن لوثركينغ إلى اللغة الفرنسية، ربطاً بانتفاضات الهوامش والضواحي في فرنسا، فقد يصح الاستعانة بالباحثة الفرنسية وأستاذة العلوم السياسية وعلم الاجتماع في كلية “كيدج” للأعمال، فيرجيني مارتن، التي تعلمنا في كلام نقلته محطة الجزيرة،  أن “تدفق السكان كان كبيرا جدا منذ نهاية الحرب الجزائرية، وهو ما أدى إلى بناء أحياء كاملة من دون تخطيط عمراني.”

السيدة ستتابع لتقول أن “هذه الأحياء الممتدة على مساحات شاسعة تحولت إلى أماكن صعبة للغاية ومعزولة يعاني سكانها الفقر اقتصاديا وفكريا”.

مواطنها  فرانسوا ميتران وهو الرئيس الفرنسي الأسبق سيتقدّم خطوة عن الأستاذة الفرنسية ويقولها بالحرف”المهاجرين لم يأتوا بمفردهم وإنما تم جلبهم بالشاحنات والقوارب، لأن فرنسا كانت في حاجة إلى العمالة في المناجم وصناعة السيارات والأشغال العامة وجميع الصناعات الملوثة التي يرفضها الفرنسيون”.

هؤلاء، المشحونين بالشاحنات والقوارب بنوا (الكثير من فرنسا)، وكانت (اجرتهم)، المنازل الرطبة، الخربة، ومن ثم لـ “تتخلى عنهم شركات صناعة السيارات، فالروبوتات أعلى مهارة منهم” .

مستعينة بروبوتات تحتاج إلى فنيين رفيعي المستوى، وهم غالبا فرنسيون، فضلا عن إغلاق عدد كبير من المناجم.

هي أحياء يصفها اليمين الفرنسي بـ “مستوطنات الحشيش”، غير أنها وقبل سيء الذكر نيكولا ساركوزي، (وكان صبي القذافي)، كانت:”ضباط الشرطة الفرنسية يلعبون كرة القدم مع صبيان الأحياء”.

وفق اسوشيد برس، فإن التقديرات تشير إلى أن نحو 20 مليون شخص يعيشون في هذه الضواحي الموزعة على أكثر من 3300 بلدية .

وفيها (ونستعين بتقرير للجزيرة):

ـ دمج الشباب في مجال العمل والتدريب كان منعدماً.، ما يعني تكريس الفجوة ما بين الفرنسي صاحب الدم الازرق، والمهاجر (الحشّاش).

ـ الحشّاش”!!

ولابد أن صفة كهذه تستدعي التدقيق، فالإسلامفوبيا قد عصف بالكثير من الفرنسيين وهذا ما اشتغل عليه اليمين، فالحجاب يعني فيما يعنيه “التحشيش”، دون النظر إلى أن تلك السيّدة التي ترتدي الحجاب، قد تكون تلميذة متقدّمة في الهندسة المعمارية وتعزف الموسيقى في المساء، على سبيل المثال، وهذا كلام تحثنا على سماعه الأستاذة الفرنسية مارتن، مضيفة “إن الحكومة تعمدت استقطاب المهاجرين الذين يعيشون في الجبال وليس المتعلمين في المدن، لأنها كانت تخشى أن يصبحوا نشطاء أو أعضاء نقابات أو ينضموا إلى أحزاب سياسية.”

سوقيون، ورعاع، وقطّاع طرق، تلك هي النظرة السائدة إلى المهاجرين وأبناء المهاجرين، اولئك الذين شحنتهم الشاحنات الفرنسية والقوارب أيضاً، وجلبتهم من المستعمرات، لترمي بهم اليوم في :

ـ المعزل.

والمطلوب:

ـ الاندماج.

أيّ اندماج سيكون، حين يحمل شتاء المهاجرين كل ذاك الصقيع؟ وكيف سيكون صيفهم على كل حال؟

يوم تظاهر جماعة السترات الصفراء في حركتهم الاحتجاجية 2018 والمتصلة بمطالب الاجور، خصصت الحكومة الفرنسية مبلغاً مقداره 17 مليار يورو إرضاء للمتظاهرين، وحسناً فعلت، واليوم ماحال هوامش المدن الفرنسية سوى المزيد من قوات حفظ النظام والهراوات؟

للمرة الخامسة نكرر ماقاله مارتن لوثر كنغ:

ـ لهيب الصيف هو مايخزّنه صقيع الشتاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى