fbpx

أطفال "بدنا نعيش".. من ورشة الميكانيك إلى عربة الخضار.. إنها ادلب

أطفال أدلب يدفعون مبكرا إلى سوق العمل.. وجدل بين من يراه واقع مفروض وآخرين يصفونه بالمفيد: دافعا عربته المحمله بالخضار أمامه يتنقل ميار في شوارع مدينه ادلب ’’ ما بقعد مع اهلي كتير، الصبح بالشغل وبالليل بجيب غراض البيت ’’ يقول هذا الطفل الذي لم يكمل بعد الثانية عشره من عمره بصوته الطفولي ولهجته الإدلبية، شارحًا أنه لا يحصل على القدر الكافي من الراحة في منزله بسب عمله لاكثر من 12 ساعة في اليوم , لمساعده والديه وأربعة من أخوته. الحاجة الى مورد مادي حولت هذا الطفل الى معيل لعائلته رغم صغر سنه فقد أجبر على العمل قبل 3 سنوات بعد أصابه والده في عاموده الفقري وفقدانه القدرة على الحركة بعد قصف قوات النظام لمنزلهم. لا يعتبر ميار استثناء هنا فكثير من الاطفال وخاصه بين سن 10 و16 عام نزلوا الى سوق العمل مبكرا مدفوعين بأسباب مختلفة، ومن يتجول في أسواق ادلب لابد وأن يلاحظ أرتفاع نسبة الأطفال العاملين فيها اذ لا يكاد يخلو سوق او شارع منهم فتراهم، منتشرين خلف بسطات الخبز او عربات الخضار او في المحلات . يقول ميار “نحن. نعمل في اي شئ متوفر يؤمن لنا دخلنا”، مؤكدا أن الكثير من الأطفال الذين يعرفهم مثله ويقاربونه في السن ويعملون في مهن ومجالات متعددة منها البناء -الكساء -الدهان -الكهرباء -نقل الاغراض -بييع المحروقات – وتصليح السيارات والميكانيك-وغيرها . ورغم التعب والأرهاق الذي يبدو على هؤلاء الاطفال الا انهم يحاولون أن يتأقلموا مع المهن التي يعملون فيها كما يقول. عمر 13 عام من ريف ادلب “نتعرض احيانا للضرب والطرد من قبل صاحب العمل وأحيانا لا نحصل على أجورنا ” لكنه مع ذلك يحمد الله فعمله في محل لتصليح السيارات يبقى اهون من عمل بعض اقرانه في البناء والتحميل، ورغم صغر سنه الا انه يحلم في أن يمتلك محله الخاص عندما يكبر. لا يعرف عمر ومعظم أصدقائه المدرسة ولا شكل الصف ولم يمسكوا كتابا حتى اليوم كما يقول’ ’ الشغل أخذ كل وقتي وماعندي مجال لشي تاني بدنا نعيش ’’ , وهذا ما أكده معظم الأطفال الذين التقينا معهم. إحصاء غائب: وبحسب عدد من الناشطين في المنطقة فان الظروف الحرب المستمرة منذ 7 سنوات وما نتج عنها من فقر وظروف اقتصادية سيئة قد دفعت بالكثير من الأطفال الى سوق العمل مبكرا ، مبدين خشيتهم من تجذر هذه الظاهرة في المجتمع السوري كما يقول حسن محمد 25عام وعامل في إحدى المنظمات الانسانيه في ريف ادلب ’’قبول البيئة المحلية بهذه ” الجريمة” على حد تعبيره هو الخطر الحقيقي’’ مظيفا أن هذه الظاهرة تنتشر في جميع المناطق السورية وبمختلف الجهات التي تسيطر عليها لكن بنسب مختلفة ويشير هذا الشاب الى التقارير التي صدرت عن جامعة دمشق وعدد من المنظمات الإنسانية العاملة في سوريه محذرة من اثار العمالة المبكرة على مستقبل هؤلاء الاطفال”. يشار ان عدد من المصادر السورية الرسمية والتقارير الاعلامية قد أكدت ارتفاع عمالة الأطفال في سورية بما يفوق ال20%خلال السنوات الماضية ,فيما يرى حسن أن النسب الحقيقية في مختلف المناطق السورية تتجاوز ذلك. تشجيع اجتماعي: ورغم التحذيرات التي أطلقتها المنظمات الإنسانية العالمية وفي مقدمتها الامم المتحدة والجهات الرسمية والاكاديمية السورية الا أن عمل الاطفال المبكر يلقى تشجيعا ودعما محليا كما يقول حسن زيدو ” 42 عام” وصاحب محل لتصليح السيارات في مدينه ادلب ’’ الأهالي هم من يدفعون بأبنائهم الى العمل ولا أحد يجبرهم على ذلك ’’ موضحا أن عمل الاطفال يفيدهم ويعطيهم الخبرة في الحياة والعمل، ويخفف الأعباء الاقتصادية عن الأهل كما أنه ينشط الأسواق عبر عمالة رخيصة الأجر وهذا ينعكس في الاسواق على شكل زيادة في الإنتاج وانخفاض في التكاليف. ورغم اقرار حسن بالإمكانات الجسمية المحدودة للأطفال الا أنه يضيف ’’مع الأيام يشتد عودهم ويعتادون النشاط والانتاج وتحقيق الدخل بعرق جبينهم ’’مؤكدا انه مع عمل الأطفال في جميع المهن لكن مع مراعاة أعمارهم وقدراتهم الجسمية والعقلية. وشارحا أنهم بذلك ’ ’ يفيدون المجتمع ويستفيدون منه المال والمعرفة العملية ’’وهي بحسب حسن خبرة لا يوفرها التعليم بسنواته الطويلة ومجالاته المحدودة ودخله القليل. وكان عدد من الأهالي الذين التقاهم قد أكدوا رغبتهم في عمل ابنائهم للعمل وحاجتهم لذلك شارحين ان عملهم المبكر وتمكينهم من المهن المربحة التي تساعدهم في الوقت الحالي على الحياه و ستساعدهم في المستقبل كما علق أحدهم ’’هذا زمن العمل والخبرة ’’ ,فيما رفض قسم أقل من الاهالي هذه الظاهرة لغير المحتاجين والمضطرين. جريمة غير مبرره: ’’أيجاد اسباب تبرر قتل طفوله هولاء الصغار , والقول بأن المجتمع السوري مسلم بها وخاضع لها ’’ أمر يرفضه الباحث الاجتماعي طه العبيد الذي يوضح أن الظروف الحالية التي تعيشها سوريه هي أمر مؤقت ولايجب ان نبني عليها توجهات المجتمع السوري الذي يرفض استغلال الأطفال قائلا “أن ابعاد هولاء الاطفال عن حياتهم الطبيعيه هو أمر خطير وله نتائج كارثيه ” مضيفا أن زج الطفل في سن مبكرة داخل سوق العمل ’’يفقد الطفل الكثير من طفولته ’’ ومشيرا الى ارتفاع احتمال تعرضهم الى المخاطر الجسدية والنفسية وقائلا “إنهم عرضه للعنف والتحرش والاستغلال كما أن عملهم في بعض المهن يعرض نموهم وصحتهم للخطر ” مضيفا أن عمل الأطفال أن اضطروا عليه يجب أن يكون مقيدا بشروط تراعي حاجات الاطفال النفسية والجسدية ويتفق مع قدراتهم وأن يكون في ببيئة أمنه بالنسبة لهم تحميهم وتدرك متطلبات طفولتهم ولا تؤثر على مستقبلهم. وبحسب العبيد فإن المحيط الاجتماعي والاقتصادي في سوريه سهل عمالة الاطفال وشجع عليها لعده اسباب منها ظروف الحرب وعدم وجود رقابة و محاسبة قانونيه وغياب المدارس وانتشار الفقر مؤكدا أن ’’ الكثير من حقوق الأطفال أهدرت”. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى