fbpx

بين نفاق الإخوان المسلمين وإجرام الأنظمة الديكتاتورية

منذ بداية ظهور حركة الإخوان المسلمين في عشرينات القرن الماضي على أساس ديني وعلى الرغم من تصنيف نفسها بالدعوية إلا أن وجهها الآخر سرعان ما ظهر عندما تضاربت مصالحها مع مصالح السياسيين، إذ لم يتوانى جناحها العسكري لحظة عن استخدام الاغتيالات ضد أنظمة الحكم التي لم تتفق معها وتاريخ الجماعة حافل في عمليات الاغتيال في أماكن تواجدها.

وتتزاحم الأمثلة على ذلك في مصر وسوريا وتونس وليبيا والأردن والعراق والسودان واذا استعرضنا ما قامت به الجماعة منذ عام 1945 في بلد منشأ التنظيم مصر على سبيل المثال سنتذكر عملية اغتيال أحمد ماهر رئيس وزراء مصر وتلاه عام 1948 اغتيال المستشار والقاضي أحمد الخازندار.

وتبعه بعدة شهور اغتيال رئيس وزراء مصر آنذاك محمود فهمي النقراشي وتتالت عمليات الاغتيال إلى أن قامت الجماعة في المحاولة الشهيرة لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في حادثة المنشية عام 1954 واستمر نهج الجماعة الدموي إلى أن تم تسليمهم السلطة في مصر فكان باكورة أعمالهم اغتيال المقدم محمد مبروك الشاهد الوحيد الملم بكامل تفاصيل إدانة محمد مرسي وكامل تنظيم الإخوان في مصر.

أما في باقي الدول فلم يكن الإخوان أقل سوءً مما فعلوه في مصر ولعل مواقفهم  بعد انطلاق الربيع العربي تدل عليهم بشكل واضح خاصة فيما يتعلق في علاقتهم مع الأنظمة العسكرية التي يختلفون معها على امتلاك السلطة فقط ولا علاقة لما يطلقونه من شعارات جوفاء تظهرهم بأنهم الحمل الوديع والحامي الرئيس للدين الإسلامي الحنيف الذي طالما تاجروا به عبر عشرات السنين.

واذا استعرضنا مواقف الجماعة منذ انطلاق  ثورات الربيع العربي لوجدنا تناقضات كبيرة جداً في مواقفهم خاصة من الأنظمة العسكرية التي طالها الربيع العربي، ففي حين وقفوا ضد الأنظمة العسكرية في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا، نجدهم يؤيدون وبقوة أنظمة حكم عسكرية أشد فتكا وسوء من تلك الأنظمة، وعلى رأس هذه الأنظمة نظام الحكم العسكري في السودان الذي وقفوا وبشكل واضح معه ضد الثورة الشعبية هناك، وما زالوا يدعموا العسكريين هناك حتى بعد الإطاحة برجلهم الأول عمر البشير.

ولعل تحالفهم العلني مع نظام الملالي الدموي في طهران الداعم الأساسي لبشار الأسد قاتل السوريين ومشرد أطفالهم ومغتصب نسائهم  خير مثال على تناقض عجيب غريب في مواقف الجماعة، وان كان يدل هذا إنما يدل وبشكل لا يدعوا للشك أن هذا التنظيم وتحالفاته وتحليلهم وتحريمهم للمواقف لا يستند إلى الشريعة الإسلامية كما يدعون بل يستند وبشكل جلي للمصالح الدنيوية حتى لو تعارضت مع أحكام الشريعة، إن ما قام به الإخوان المسلمين في سوريا يؤكد ما خلصنا اليه من نتائج لمجمل أفعال التنظيم على مستوى الوطن العربي منذ تأسيس تنظيمهم.

ويمكن أن نقول بأن اغتصاب ثورة السوريين والتسلق عليها من قبل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا معتمدين على الدعم الكبير المقدم من أجهزة المخابرات الدولية التي لم تكن يوماً ترغب في نصر الشعب السوري في ثورته وأيضاً اعتماداً على قدرتهم التنظيمية إنما يدل على هوسهم للسلطة بغض النظر عن الشريعة الإسلامية التي يتغنون بها.

تحالفاتهم ودعمهم للتنظيمات الإرهابية التي فتكت بالثورة السورية كتنظيم داعش وهيئة تحرير الشام وغيرها من الفصائل الراديكالية يدل وبشكل قاطع على أن هذه الجماعة جل اهتمامها الحكم ولو لقطعة أرض لا تتعدى مساحة ملعب كرة قدم ولو على حساب جراح السوريين وعذاباتهم، بل إن الجماعة لا مشكلة لديها إن تحالفت مع عصابات الأسد المجرمة التي فتكت بالشعب السوري من خلال تنفيذ أجندات حلفاء الأسد إيران وروسيا.

وما مؤتمرات الاساتانا وسوتشي إلا دليل واضح على هذا التحالف التي سُلم من خلاله على طبق من ذهب معظم المناطق المحررة للأسد وعصاباته، ولم يقفوا عند ذلك وحسب بل قاموا بتشكيل جسم سموه (جيش وطني)  بعد إفشالهم لكافة جهود الوطنيين منذ بداية الثورة لتشكيل جيش وطني حقيقي يضم كل أطياف الشعب السوري الثائر ضاربين عرض الحائط بجهود كل الشرفاء والأحرار إمعانا في تحقيق حلمهم في ممارسة الردع والقتل اقتداءً في الأنظمة الديكتاتورية العسكرية، ويمكن إن تحقق حلمهم لا سمح الله أن يكونوا أشد بطشاً وإجراماً مما قامت به هذه الأنظمة مجتمعة ضد شعوبهم.

خلاصة القول إن التاريخ أثبت بأن هذه التنظيمات الراديكالية هي صنيعة الغرب وتستخدم كفزاعة للأنظمة الديكتاتورية العسكرية في الشرق الأوسط وأعتقد أن هذه هي مهمتها الأساسية منذ نشأتها وحتى الآن، فمن يريد أن يرفع راية الإسلام لنصرته عليه أن يتمسك بتعاليم الإسلام الحنيف وقرانه الكريم وسيرة رسوله الأعظم، لا أن يتآمر ويقتل وينكل بكل من هو مسلم ولا أن يتحالف مع أعداء الشعوب العربية والمسلمة طمعا في سلطة زائلة.        

 

هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©

 

Read More

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى