fbpx

يوم يكون الطبل في بيروت.. يكون العرس في طهران

مرصد مينا

اللبنانيون وإلى وقت قريب كانوا ميناء العرب، وجامعة العرب، ومشفى العرب، بل وكانوا طلائع المطبعة والكتاب والغناء حتى بات الرحابنة “أمّة”.

ومع “كانوا” هذه، لم يكونوا الدولة المركزية التوليتارية كما حال جيرانهم في سوريا، أو أشقائهم في العراق، كما لم يكونوا مملكة كما حال ممالك الخليج، فكانت “الأمّة” وفق مزاج الفينيق، وكانوا “الحيرة”، وفق من يبحثون عن دور للدولة، وكانوا “المجتمع” الذي لاتمسك “الدولة” بتلابيبه، وأكثر من هذا وذاك “كانوا”:

ـ البرلمان.

البرلمان الذي يجمع بشر إن لم تتعايش اقتتلت، ولا حلّ وسط في الأمر.

بلد بحجم “كمشة”، ولكل طائفة فيه مزاجها، إن استقوت فيه طائفة على طائفة تكون الحرب الأهلية، ومن بعدها تكون التسوية ومن بعدها “الوصاية”.

الوصاية الفرنسية في لحظة، والناصرية في لحظة، والوصاية السورية وقد طالت أكثر من أيّ وصاية سبقتها، وهي “الوصاية” التي أسست لفئة غالبة وأخرى مغلوبة وكان “حزب الله” الفئة الغالبة التي يتباهى أنصارها بأنهم “الغالبون” وبأن نصرهم هو “النصر الإلهي”، حتى بات الله يشارك أمين عام الحزب بزرع صور قاسم سليماني على طول طريق المطار الموصل إلى بيروت وهو “الطريق المشترك ما بين الغالب والمغلوب معاً”، وهو “قوّة الامر الواقع” لاقوّة خيارات الناس وقوّة رغباتهم.

لبنان اليوم تحت الوصاية، غير أنها لا الوصاية السورية ولا الفرنسية، ولا الوصاية “الناصرية” باعتبارها “الحنين” إلى “عربنة” لبنان التائه ما بين الفاتيكان والربع الخالي.. إنها وصية حزب “موصى” به وعليه من “الخمينية”، وقد بات ميناءه امتداد طهران على المتوسط ومخزن سلاحه، ونهاية “القوس الشيعي” الممتد من طهران إلى العراق إلى سوريا، وهو “القوس” الذي يعني “الثورة الخمينية” التي إن سقطت في أي من خط القوس لابد وتسقط أو تضعف في طهران، وهذا ماجعل اللبناني تحت سياط “الولي الفقيه” المفروض قسراً على الإيرانيين، والمفروض بقسر مضاعف على اللبنانين، وبقسر مركّب على شيعة لبنان، وهم شيعتين:

ـ شيعة “اللطم” واستدراج تراجيديا التاريخ إلى اللحظة، بما يجعلها اللحظة الدامية.

والشيعة المنفتحة على اللحظة والمقتولة اغتيالاً أو تحييداً ومحاصرة ومن نجومهم حسين مروة ومهدي عامل وهاني فحص، وسواهم ممن حاصرتهم الخمينية، وغلبتهم قوّات اللطم والرصاصة الطائشة، تلك الرصاصة التي تعرف بالتمام والكمال كيف تطال ضحاياها.

شيعة اللطم ونقيضها، يعيشون اليوم، وكليهما تحت خط الفقر أو أعلى بقليل، أبناءهما معاً وقود احتراق لمشروع عابر للحدود، بعضه في اليمن، وبعضه في العراق، وأكثره دموية في الجارة السورية، وهذا هو السلاح في يد “حزب الله” يعلو صوته على كل الأصوات، فيأكل ما تبقى من أخضر في لبنان، وأول ما يأكل، يأكل شيعة لبنان الذين باتوا عاجزين عن مواجهة حزب الضاحية.. وفي أيّة لحظة؟

ـ لحظة انهيار المصرف، وتفجير الميناء، والعجز عن إنتاج رئيس.

ومع الانهيار والتفجير وخلو القصر من الرئيس، تشتد الأزمة في لبنان، حتى تخال أنه جاهز للتقسيم وعاجز عن التقسيم، وراغب بالتعايش وعاجز عنه، وواقف على حافة الاحتراب الأهلي وفاقد لقوّة المحارب، والخيار الوحيد المتبقي، ولابد أن يكون الخيار الصعب:

ـ أن يأكل شيعة لبنان، تشيّع الخميني قبل أن يستكمل أكلهم، وهذا حلم شيعي مسكوت عنه، إذا ما أعلن عن نفسه انقلبت الصيغة اللبنانية، ليكون من بعدها :

ـ لبنان الكبير.

ثمة من يراهن على هذا الخيار، وثمة من يعتقد أن عين الشيعة لن تواجه مخرز الحزب، وثمة من يرى في روافع التاريخ أنها روافع قادرة على تفكيك القبضة المضمومة لحساب اليد الممتدة إلى الحياة، و:

ـ ثمة من يرى أنه إذا ماكان الطبل في بيروت، ستكون الرقصة في طهران.

وهؤلاء لن ينسوا أن طهران قد شهدت وبالأمس القريب تظاهرات صبايا إيران.

الصبايا وقد خرجن من معطف الخميني وكشفن عن وجوههن ما بعد سطوة الشادور، وهراوات “الحرس الثوري” وفقيهه قاسم سليماني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى