fbpx

حال السودان مابعد قراءات “المنجمين”

ستتكاثر القراءات والتوقعات وربما “التنجيم” في أحاديث الصالونات والازقة عن:

ـ لمن ستكون الغلبة في السودان.. هل ستكون لحميدتي أو ستكون للبرهان.

وسيكون للفرنسيين قراءتهم كما لبقية المتابعين والمهتمين بالحكاية السودانية التي قد تتدحرج لتكون واحدة من التراجيديات الكبرى في العالم العربي الذي طالما أنتج التراجيديات.

الباحث الفرنسي، رولان مارشال، وهو من طواقم “لوموند”  استعرض الحال، ومما قاله، وليس من جديد فيه، أنه منذ الإطاحة بعمر البشير في عام 2019، يعيش السودان مع قوتين عسكريتين كبيرتين للغاية: القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان، والتي يعد العديد من قياداتها من الإسلاميين الموالين سابقاً للرئيس السابق عمر البشير. وقوات الدعم السريع التابعة لـ”حميدتي” نائب رئيس الدولة، والتي لعبت دورا رئيسيا في الإطاحة بعمر البشير عام 2019، على حد زعم “حميدتي” الذي لا يتوقف عن تكرار أنه لعب بنفسه دورا رئيسيا في الإطاحة بالبشير وأنه ضد الإسلاميين، مشيرا إلى أن الجيش يتكون من العديد من الضباط المعينين في عهد الرئيس السابق.

رولان مارشال اعتبر أن “حميدتي” إذا كان في وقت ما حليف البرهان، فإن هذا الاتحاد لا يمكن أن يستمر لأن مصالح الرجلين متباينة. وتبدو عملية إعادة دمج قوات الدعم السريع في الجيش شبه مستحيلة؛ بسبب أعداد هذه الميليشيات شبه العسكرية. فدمج القوتين من شأنه أن يغير البنية الاجتماعية للجيش.

 رولان مارشال ذكّر، أن الانتفاضة في عام 2019 بدأت في الدمازين بجنوب السودان، ثم دفنت مطالب المناطق النائية. والشخصيات من دارفور (غرب البلاد) داخل الحكومة ليست ممثلة بشكل كبير، مضيفاً أن البرهان على رأس جيش وطني لم يتم تطهيره بعد انقلاب 2019، والذي ما زال يتألف من إسلاميين وأنصار البشير ومناهضين دارفوريين شرسين.

كما أن التقسيم الطبقي مهم جداً داخل الجيش، الذي مرّ جميع قادته من أكاديمية الخرطوم العسكرية، وهم من شمال البلاد التي يتحدّر منها البرهان.

واعتبر الباحث الفرنسي أن لدى البرهان و”حميدتي” مشروعين يصعب التوفيق بينهما. فالبرهان، القادم من الشمال والمتحدر من النخبة التقليدية، يحلم بأن يكون رئيسا في نظام غير ديمقراطي محاصر، كما هو الحال في مصر مع عبد الفتاح السيسي، حليفه الرئيسي. ويبدو أن للرجلين أيديولوجية مشتركة. وتلعب مصر دورا رئيسيا في السودان، الذي تعتبره حديقتها الخلفية.

أما “حميدتي” فيتحدّر من قبيلة بدارفور لا تحظى بتقدير النخبة، لكن لديه المال والرجال من حوله والطموحات. بدأ تدريجياً يحلم بمهنة في السياسة الوطنية. بعد انقلاب أكتوبر 2021 بقيادة البرهان، أدرك أنه لن يقدر على فرض نفسه. لذلك تَبايَنَ في الموقف مع الجيش ليلعب بورقة سياسية أخرى ويقترب من المدنيين. وعليه، فإن “حميدتي” لن يصبح رئيسا أبدا، يقول الباحث الفرنسي، مضيفا أن الأخير حتى وإن انتصر غدا في المواجهة العسكرية، فسيكون مضطرا للتفاوض، لكونه لا أساس له ولا شرعية له على المستوى الوطني.

رأى رولان مارشال أن البرهان أقوى بالنسبة له، لأنه يحظى بدعم مصر التي تساعده بشكل نشط، والتي لن يكون لدى أي شخص في المجتمع الدولي الشجاعة ليقول لرئيسها السيسي: “توقفوا عن دعم البرهان”. في المقابل، ليس لحميدتي حليف بهذا الحجم، ولهذا السبب يميل السيناريو الأكثر ترجيحا نحو هزيمة قوات الدعم السريع في الخرطوم في الأيام المقبلة، مع احتفاظها فقط بنقاط قوية في شرق السودان ودارفور؛ بينما ينجح الجيش الوطني تدريجياً في تقليص جيوب انعدام الأمن.

واخيراً أية إضافة ممكنة؟

الإضافة تقول بأن  الإسلاميين من الممكن أن يستغلوا ما يحدث، فبالرغم من الإطاحة بالبشير في عام 2019، إلا أن بعض الذين عملوا تحت رئاسته استمر تعيينهم في مناصب مهمة واستعادوا، على سبيل المثال، السيطرة على إدارة وزارة العدل. هذا الوجود سمح لهم بتنقيح الملفات القضائية، ومن ثم تسهيل تعيين رفاقهم في جهاز الدولة.

كل هذه القراءة تعتمد على إمكانية انتصار جبهة على جبهة، غير أن قراءة كهذه لابد وتتغافل عن نتائج المعادلات الصفرية، تلك التي تذهب إلى ديمومة الاشتباك دون أنتصار طرف على آخر، عند ذلك ما الذي سيكون عليه الحال؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى